تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

56ـ و حَدُّهُ اسْتِدعاءُ فعلٍ واجبِ .... بالقول مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطالبِ

قوله (استدعاء) أي: طلب. و خرج به ما لا يدل على الاستدعاء، أي: ما لا يدل على الطلب فليس بأمر.

قوله (فعل): يشمل القول و الفعل، فالأمر أن يطلب من الإنسان فعل، سواء كان قولا أو فعلا، القول هو فعل اللسان، و الفعل فعل الجوارح.

و خرج بقوله: استدعاء فعل. النهي، لأنه استدعاء ترك.

قوله (واجب): خرج به استدعاء ما ليس بواجب، كالمندوب و المباح و التمني، و ما أشبه ذلك.

الندب مثاله: صل راتبة الظهر. هذا ندب فلا يسمى أمرا.

و التمني كقول الشاعر:

ألا أيها الليل الطويل ألا انجل بصبح و ما الإصباح منك بأمثلِ

انجل: فعل أمر، لكن لا يصح أن توجه الأمر إلى الصبح، فمعناه التمني، يعني: أتمنى أن تنجلي بصبح.

الفائدة 103

قوله (بالقول): خرج به الاستدعاء بالاشارة و الكتابة، يعني: لا بد من القول، و هو النطق، فلا يدخل في ذلك ما اقتضى الأمر بالإشارة، و لا ما اقتضى الأمر بالكتابة.

و على ذلك لو أشرت إلى شخص أن اجلس، كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم عندما صلى قاعدا، فصلوا قياما خلفه، فأشار إليهم أن اجلسوا، فهذا ليس بأمر، لأنه ليس بقول.

و الصحيح أنه أمر بدليل أنهم امتثلوا و جلسوا.

و كذلك الكتابة: كتبت إلى رجل آمره أن يذهب إلى مكان ما، و كان عندي جماعة لا أحب أن يسمعوا كلامي، فكتبت إليه أن اذهب إلى كذا و كذا، فهذا لا يسمى أمرا، لأنه استدعاء فعل بالكتابة، و ليس بالقول.

و لكن في مسألة الكتابة أيضا نظر، و ذلك لأن الكتابة لا تحتمل سوى المكتوب بخلاف الإشارة، و يدل لهذا أن التوراة نزلت مكتوبة.

قال الله تعالى: (و كتبنا له في الألواح) الأعراف: 145.

من كل الألواح، فالله عز و جل كتب التوراة بيده،

فهل نقول: إن الأوامر التي في التوراة ليست أمرا؟

الجواب: لا، لا نقول: إنها ليست أمرا، بل نقول: هي أمر، فما كان بالكتابة فهو أمر.

الفائدة104

قوله رحمه الله (ممكن كان دون الطالب):

يعني أنه لا بد أن يكون الآمر أعلى من المأمور فخرج به من كان مساويا، و من كان أعلى، فمن كان مساويا فتوجيه الأمر إليه التماس، و من كان أعلى فتوجيه الأمر إليه دعاء.

و عبارة المؤلف هذه فيها تسامح، و ذلك لأن الأدنى قد يأمر الأعلى استدلالا له، و لهذا عبر بعضهم بقوله: على وجه الاستعلاء. و لم يقولوا: ممن هو أعلى من المطلوب منه،

بل قالوا: على وجه الاستعلاء.

ليشمل من وضع نفسه عاليا على المأمور، و ليس بعال، فلو أن الرقيق انفرد بسيده، و قال له: افعل كذا و إلا قتلتك.

و هو يقدر على هذا، نقول: هذا أمر، و لهذا السيد سوف ينقذ، لأن العبد الآن يرى نفسه فوق سيده، فلهذا نقول:

إن تحرير العبارة أن يقال: على وجه الاستعلاء.

إذن التعريف السليم أن نقول:

الأمر هو طلب الفعل على وجه الاستعلاء بصيغة معلومة.

و قلنا: بصيغة معلومة. حتى تشمل القول و الكتابة و الإشارة. هذا هو تعريف الأمر.

ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[11 - 06 - 09, 05:25 م]ـ

الفائدة 105

ثم قال المؤلف رحمه الله:

57ـ بصيغة افعل فالواجبُ حُقِّقا ... حيث القرينةُ انتَفََتْ وَ أُطلِقا

قوله (بصيغة افعل): يعني لا بد أن تكون بصيغة افعل، و هذا هو الأصل أن تكون بصيغة افعل.

يعني: بفعل الأمر سواء افعل، أو استفعل، أو تفعل، أو ما أشبه ذلك. المهم أنها بصيغة فعل الأمر، و هذا هو الأصل.

لكن قد يرد الأمر بصيغة الاستفهام، و بصيغة الخبر، قال تعالى: (و المطلقات يتربصن بأنفسهن) البقرة/228.

فهذه جملة خبرية، لكن معناها الأمر، فقول المؤلف: بصيغة افعل. ليست قيدا و شرطا، بل هي بيان للأكثر و الأغلب.

الفائدة 106

قوله: (فالوجوب حققا حيث القرينة انتفت و أطلقا)

بين رحمه الله ماذا يقتضيه الأمر، هل الأمر يقتضي الندب، أو يقتضي الوجوب، أو نتوقف فيه حتى يتبين؟

القول الأول:

بين رحمه الله أن الأمر يقتضي الوجوب إذا أطلق ما لم توجد قرينة تدل على أنه لغير الوجوب، و هذا هو الذي عليه أكثر الأصوليين، أن الأمر للوجوب ما لم توجد قرينة تصرفه عن ذلك، و استدلوا على ذلك بالآتي:

1ـ قوله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) النور/63.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير