تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجه الدلالة:

أ ـ أن "أمر" مفرد مضاف، فيعم كل الأوامر.

ب ـ و أن هذه الآية تفيد الوعيد على من خالف الأمر، أي أمر كان. و الوعيد لا يكون إلا على ترك واجب، أو فعل محذور.

قال الامام أحمد: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة هي الشرك، لعله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ إذا ردّ بعض قوله، فيهلك.

2ـ قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم) الأنفال / 24.

3ـ قوله تعالى: (و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا) الأحزاب/36.

و الآيات في هذا الباب كثيرة.

الفائدة 107

و القول الثاني:

أن الأصل في الأمر الاستحباب، لأن الأمر به يدل على طلبه و فعله، و الأصل عدم التأثيم بالترك، و إذا قلت بالوجوب صار التارك آثما.

نعم نقول: هذا عصى و خالف، و لكن الأصل عدم التأثيم.

ثم أجابوا عن قوله: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره).

بأن الله لم يقل: فليحذر الذين يخالفون أمره. و الفرق واضح، لأن "عن أمره"، يعني: راغبين عنه، و فرق بين من يعصي، و هو غير راغب، و لكنه هوى نفس، و بين الراغب عنه، لأن الراغب عنه هو الزاهد فيه، الذي لا يبالي فيه، ولهذا جاءت كلمة "عن" المجاوزة، كما قال ابن مالك في ألفيته:

بعن تجاوزا عنها من قد فطن

و إذا بطل الاستدلال بهذه الآية فما بعدها يتبعها، فتكون كل الأوامر بالطاعة أوامر على سبيل الاستحباب.

الفائدة 108

و القول الثالث:

هو القول بالتفريق، فقد فرق بعض العلماء، فقالوا: أما من شأنه التعبد فالأمر به على سبيل الوجوب، لأن هذا هو الذي خلقنا له لقوله تعالى: (و ما خلقت الجن و الانس إلا ليعبدون) الذاريات /56.

و ما كان سبيله الأخلاق و الآداب فهذا على سبيل الاستحباب، لأن الأخلاق و الآداب ليس على سبيل التعبد، فالانسان لا يتخلق بها تعبدا، لكنه قد يفعلها امتثالا لأمر الله تعالى، فيكون من هذه الناحية عابدا لله.

و هذا القول لا بأس به، فقد يكون هو أقرب الأقوال الثلاثة، لأن كثيرا من الأوامر الشرعية نجد أن العلماء كلهم أو جمهورهم يقولون: إنها للاستحباب، و هذا أقرب ما نتخلص به أن نقول: ما يكون من شأنه العبادة، فالأمر فيه للوجوب، و ما كان من شأنه الآداب و الأخلاق فالأمر فيه للاستحباب.

و هذا ما إذا لم يوجد قرينة تعين الوجوب، أو قرينة تعين عدم الوجوب، لأن كلامنا الآن في الأمر المطلق، أما مع وجود قرينة فالواجب العمل بها، فمثلا الأمر بالأكل باليمين هذا من باب الآداب، فعلى القاعدة يكون للاستحباب، و لكن وردت قرينة تدل على أنه للوجوب، و هي أن النبي صلى الله عليه و سلم لما نهى عن الأكل بالشمال و الشرب بالشمال قال: (إن الشيطان يأكل بشماله و يشرب بشماله)، و الشيطان أكفر الكافرين، و التشبيه بالكفار حرام، لقوله صلى الله عليه و سلم: (من تشبه بقوم فهو منهم)، قال ابن تيمية اسناده جيد.

و قال أيضا: أقل أحوال هذا الحديث التحريم، و إن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم. ا.هـ

الفائدة 109

خلاصة ما سبق:

فعلى هذا نقول: للعلماء في الأمرالمطلق، هل يقتضي الوجوب أو لا؟

ثلاثة أقوال، و ربما يكون هناك أقوال أخرى، و لكن هذه رؤوس الأقوال:

1ـ أنه للوجوب مطلقا.

2ـ أنه للاستحباب مطلقا.

3ـ التفصيل.

نقول هذا ما لم توجد قرينة تعين الاستحباب أو الوجوب.

الفائدة 110

قال المؤلف رحمه الله:

58ـ لا مع دليل دَلَّنَا شَرْعًا على ... إباحةٍ في الفعل أو ندبٍ فلا

معنى البيت:

أنه إذا وجد دليل يدل على الإباحة فإن الأمر يكون للإباحة، أو على الندب، فإن الأمر يكون للندب.

ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[11 - 06 - 09, 05:30 م]ـ

نتابع بعون الله و توفيقه ....

الفائدة 111

59ـ بل صرفُه عن الوجوبِ حُتِّما ... بحملِه على المرادِ منهما

قوله (صرفه) أي: صرف الأمر.

قوله (عن الوجوب حتما) يعني: ألزم.

قوله (بحمله على المراد منهما) يعني: يحتمل على المراد من الإباحة أو الندب، فإذا وجد دليل يدل على الإباحة وجب حمله على الإباحة، أو على الندب وجب حمله على الندب.

مثال ذلك:

1ـ قول الله تبارك و تعالى في سورة المائدة: (غير محلي الصيد و أنتم حرم إن الله يحكم ما يريد) المائدة / 2 .... إلى قوله تعالى: (و إذا حللتم فاصطادوا).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير