تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذ إنني إذا قلت: نقلت الكتاب، لا أحد يفهم أنني نقلت الكلمات بيدي!، و وضعتها في الكتاب الثاني!، و الأمور لا ينبغي أن نتنطع فيها!، بل إذا فهم المعنى عن قرب، فلا حاجة إلى التنطع.

و على هذا فتبقى على ما قاله أكثر العلماء بأن النسخَ هو الإزالة أو النقلُ. هذا في اللغة.

*****************

(هنا ينتهي الشريط الخامس بحمد الله و يبدأ الشريط السادس)

*****************

ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 09, 08:28 م]ـ

نتابع بعون الله و توفيقه ....

الفائدة 231

و أما في الشرع فيقول المؤلف رحمه الله:

113 ـ و حَدُّهُ رفعُ الخطاب اللاحقِ ... ثبوتَ حكم بالخطاب السابقِ

قوله: (و حده).

أي تعريف النسخ في الشرع.

يعني المؤلف رحمه الله: حكم شرعي ثابتٌ بدليل شرعي يأتي دليل شرعي بعده ثم يرفعه.

هذا يسمى نسخا، و لهذا نقول في تعريفه الجامع المانع: النسخ هو رفع حكم دليل شرعي أو لفظه ـ يعني أو: رفع لفظه ـ بدليل شرعي. و لا يمكن هذا إلا عن طريق الكتاب و السنة، فالاجماع لا ينسخ، و القياس أيضا لا ينسخ، إنما الذي ينسخ هو الدليل الشرعي، الكتاب أو السنة.

الفائدة 232

و النسخ ثابت شرعا، جائز عقلا.

الفائدة 233

(دليل ثبوت النسخ شرعا من الكتاب و السنة)

أما الكتابُ:

فقد قال الله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) البقرة / 106.

و هذا واضح أن الله قد ينسخ بعض الآيات، و يأتي بخير منها، و قد وقع ذلك، فقد قال الله تبارك و تعالى: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين و إن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون) الأنفال / 65.

ثم قال سبحانه: (الآن خفف الله عنكم) يعني: قبل فيه تثقيل (و علم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين و إن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين).

و هذا نص صريح في النسخ.

و قال تبارك و تعالى: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم و أنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم و عفا عنكم فالآن باشروهن) البقرة / 187.

و أما السنة:

فقد قال صلى الله عليه و سلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها).

الفائدة 234

إذن النسخ ثابت بالقرآن و السنة.

و هو أيضا مقتضى الحكمة!

و ذلك أن الناس قد تختلف المصالح باختلاف أوقاتهم و باختلاف أحوالهم، فتجد بعض الأشياء تصلح في وقت، و لا تصلح في وقت آخر، و لهذا جاءت الشريعة الاسلامية بالتدرج، فالخمر مثلا أحل لنا، ثم عُرِّضَ لنا بتحريمه، ثم منعنا منه عند الصلوات، ثم منعنا منه مطلقا، كل ذلك مراعاة لمصلحة العباد.

و قد نص الله تعالى على النسخ في شريعة اليهود، فقال تعالى: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلّت لهم) النساء: 160.

و الغريب أن اليهود، عليهم لعائن الله، ينكرون النسخ،

و يقولون: إن النسخ يستلزم البداءة على الله!،

و البداءة يعني: أنه بدا له العلم بعد أن نسخ، فكان بالأول يجهل أن هذه الشريعة الناسخة هي الأصلح، ثم علم بعد ذلك، فيقال لهم: أنتم الآن كذبتم التوراة، لأن الله يقول: (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة) آل عمران: 93.

و لما نزلت التوراة حرم فيها ما حرم، قال تعالى: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) النساء: 160.

(تنبيه مهم)

و كونه يستلزم البداءة على الله، هذا ليس بلازم:

إذ أن الله تعالى يعلم أن الحكم في هذا الزمان أصلح من الحكم الثاني، و أن الحكم الثاني في وقته أصلح من الحكم الأول، فلا بداءة، فعلم الله تعالى واحد، و المتغير هي الأحوال.

الفائدة 235

قوله رحمه لله:

(رفع الخطاب اللاحق ثبوتَ حكم).

ثبوتَ: هذه مفعول به للمصدر "رفعُ"، فهذا من باب عمل المصدر فيما بعده إذا أضيف، و منه قوله تعالى: (و لولا دفع الله الناس) الحج: 40.

و معنى البيت أن يرفع الخطاب اللاحق، و هو الثاني، ثبوت الحكم بالخطاب السابق، و هو الأول، فالمنسوخ هو السابق، و للاحق هو الناسخ.

الفائدة 236

ثم قال رحمه الله:

114 ـ رفعا على وجه أتى لولاهُ ... لكان ذاك ثابتا كما هُو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير