إن كان المراد: غير موجب لاختلاف ما يثبت به الاختلاف في الماهية والحقيقة؛ من حيث إنه حكم شرعي، أو من حيث إنه يذم تاركه، فمسلَّمٌ به، و إن كان المراد غير هذا فممنوع، وذلك لأن المعلوم ـ أي: القطعي ـ من حيث إنه معلوم مخالف في الماهية للمظنون، من حيث إنه كذلك، بخلاف الواجبات المختلفة في الظهور والخفاء؛ فإنه لا اختلاف فيهما، من حيث إنه مظنون؛ وإن كان بينهما أيضاً من اختلاف من حيث الظهور والخفاء.
ـ وإن سلمنا لكم قولكم ـ فكلامكم ليس ذلك مما وقع النزاع فيه، وإنما النزاع في تخصيص أحد القسمين بأحد الاسمين دون الآخر، و ما ذكروه لا ينفيه) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn9)1( .
3. الدليل الثالث: وقوع الترادف في الشرع بلا نكير، وذلك مثلاً في قول الحق تبارك وتعالى ? فمن فرض فيهن الحج ? أي: أوجب، والأصل تناولُهُ حقيقةً وعدم تناول غيره؛ نفياً للمجاز والاشتراك، و أيضا في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يقول الله تعالى: ما تقرب إليَّ عبدي بمثل ما افترضته عليه)، وحديث (قال: هل عليَّ غيرها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، إلا أن تطوع) ووجهه: أنه لم يجعل بين الفرض والتطوع واسطة، بل الخارج عن الفرض داخل في التطوع) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn10)2( .
الثاني: أن " الفرض " يختلف عن " الواجب "، فهما غير مترادفين، بل مختلفان في الدلالة، و أيضا في الوضع تجاه الأحكام المعلَّقة بهما؛ موافقةً لاختلافهما في الوضع اللغوي، وهذا الرأي هو عبارة عن الرواية الثانية عند الشافعية، و هي الرواية الثانية أيضا للحنابلة اختارها ابن قدامة وابن عقيل و ابن شاقلا و الحلواني و القاضي أبو يعلى) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn11)3( ، وهو القول المعتمد عند الحنفية) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn12)4( .
.. تحديد الفرق بين " الفرض " و" الواجب " من خلال تعريفهما:
· جاء في الرواية الثانية عند الشافعية، والتي حكاها القاضي حسين وابن القشيري، أن ((الفرض ما ثبت بنص القرآن، والواجب ما ثبت من غير وحي مصرح به)).
# مناقشة هذا التعريف:
أن لازم ذلك؛ أن لا يكون شيء مما ثبت وجوبه بالسنة ـ كـ نية الصلاة ـ فرضاً، وأن يكون الإشهاد عند التبايع ونحوه؛ من المندوبات الثابتة بالقرآن، فرضا ً، وهذا لا شك في بطلانه) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn13)1(.
· وجاء عن الحنفية، ووافقتها الرواية الثانية عند الحنابلة؛ أن " الفرض " اسم لما ثبت وجوبه بطريق مقطوع به، مثل: الآية التي قُطع بدلالتها على الحكم، أو الحديث المتواتر الذي قطع بدلالته على الحكم، أو الإجماع الصريح المنقول بالتواتر، و" الواجب " اسم لما ثبت من طريق غير مقطوع به، مثل: خبر الواحد، القياس، الإجماع السكوتي، دلالات الألفاظ الظنية) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn14)2( .
واستدلوا على ذلك بأدلة:
1. الدليل الأول: أن الفرض في اللغة: الحزّ وينتج عنه التأثير، ومنه فُرضة النهر والقوس، والوجوب: السقوط، ومنه " وجبت الشمس والحائط " إذا سقطا، ومنه قوله تعالى ? فإذا وجبت جنوبها ? أي سقطت أبدانها، فالتأثير آكد من السقوط؛ لأن الشيء قد يسقط ولا يؤثر، فاقتضى تأكد الفرض على الواجب شرعاً؛ حملاً للمقتضيات الشرعية على مقتضياتها اللغوية، لأن الأصل عدم التغيير) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn15)3( .
# مناقشة الدليل:
هذا التقسيم والتخصيص لأحد اللفظين بمعنىً دون الآخر، تحكُّم، حيث إن الفرض في اللغة هو: التقدير مطلقا، فهو أعمّ من كونه مقطوعاً به أو مظنوناً، والواجب هو الساقط أعم من كونه مقطوعاً به أو مظنوناً، فتخصيص ذلك بأحد القسمين دون الآخر بغير دليل، لا يكون مقبولاً) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn16)1( .
# اعتراض على المناقشة:
¥