تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقلنا: جواز طلب إمامة الصلاة من قوله: اجلني إمام قومي. والإمامة لفظ صادق على الإمامة الصغرى إمامةِ الصلاة، والإمامة الكبرى، فيكون حينئذ من قبيل المشترك اللفظي، والاشتراك سبب من أسباب الإجمال فيتعين التوقف، ولكن سياق الحديث يدل على أن المراد الإمامة الصغرى بدليل قوله بعد ذلك: «واقتد بأضعفهم» فيكون هذا فيه بيان للإجمال الواقع في لفظ الإمامة بسبب الاشتراك.

* واستدل بالحديث على جواز طلب الأذان والإقامة، ومأخذ الحكم من الحديث من قوله: اجعلني إمام قومي. فإذا ثبت جواز طلب إمامة الصلاة على الوجه الذي تقدم فيثبت أيضا كذلك في الأذان والإقامة من باب الإلحاق بنفي الفارق، وتقريره: أنه لا فرق بين طلب الأذان والإقامة وطلب الصلاة إلا كون هذه إمامة وهذه صلاة، وهذا لا يلتفت إليه، والنتيجة: جواز طلب الأذان والإقامة، وبناء على ذلك فالتقديم على الإمامة في الأوقاف أو التقديم على الأذان والإقامة من الأمور الجائزة بدليل هذا الخبر، وثمة دليل آخر وهو الاستصحاب فإن الأصل الجواز وعدم الحظر، ومن ادعى التحريم فإن عليه الدليل.

* واستدل بالحديث على جواز طلب القضاء وغيره من الولايات الشرعية، وطريقة إثباتهم لهذا الحكم من الحديث:

منهم من أثبته بطريق الإلحاق بنفي الفارق وأنه لا فرق بينهما إلا كذا وكذا وهذا الفارق غير مؤثر ومن ثم فالحكم الجواز واستواؤهما في الحكم.

ومنهم من قدح في هذا الإلحاق بأن ثمة فارق مؤثر باعتبار أن القضاء فيه شيء من المعاني غير المتحققة في الإمامة والأذان والإقامة.

* واستدل بالحديث على جواز طلب الإمارة وهي نوع من الولايات الشرعية والقياس على طلب الإمامة، وتقريره أنه إذا ثبت الجواز في طلب الإمامة فغيره كذلك؛ إما من باب الإلحاق بنفي الفارق، أو بإثبات الجامع من جهة كونها ولاية شرعية. وهذا الإلحاق إلحاق غير صحيح لأنه معارض لنص وهو ما يسمى بالإلحاق الفاسد الاعتبار، والقاعدة في الأصول: (أن الإلحاق الفاسد الاعتبار ليس بحجة في إثبات الأحكام) والمراد بالنص حديث جابر بن سمرة في الصحيحين أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: «لا تسأل الإمارة». وهذا نهي والقاعدة في الأصول: (أن النهي المطلق للتحريم)، والنهي موجه لجابر بن سمرة .. والقاعدة في الأصول: (أن ما ثبت في حق بعض الأمة يثبت في حق جميعها مالم يرد دليل بالتخصيص) ومن ثم فالإلحاق غير صحيح.

وفي قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحديث: «أنت إمامهم». دليل على جواز تمكين طالب الإمامة منها، ومأخذ الحكم من الحديث من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «أنت إمامهم» فهذا فعل للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والقاعدة في الأصول: (أن فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدل على الجواز) , وهل يقال إن هذا خاص بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أم إنه عام في حق سائر الأمة؟ الجواب أنه عام في حق سائر الأمة لأن القاعدة في الأصول: (أن ما ثبت في حق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يثبت في حق أمته) وفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدل على الجواز في حقه وفي حق أمته على الصحيح من أقوال أهل الأصول.

* وفي الحديث دليل علة جواز تمكين طالب الأذان والإقامة منها، ومأخذه من الحديث من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «أنت إمامهم» فإذا تقرر جواز ذلك في الإمامة فالأذان والإقامة كذلك من باب الإلحاق بنفي الفارق أو بإثبات الجمع على الوجه الذي تقدم.

ومن ثم فإن ما تفعله الأوقاف من تمكين الأئمة والمؤذنين المتقدمين على هذه الوظائف فهو من الأمور الجائزة، ومما يدل على الجواز أيضا الاستصحاب لأن الأصل في مثل هذه الأشياء الإباحة وعدم الحظر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير