جزاكم الله خيرًا أخي الحبيب، وبارك الله فيك
ـ[أبو الفرج المنصوري]ــــــــ[08 - 06 - 09, 04:33 م]ـ
ومن ذلك (الرَّبِيعُ) يذهب الناس إلى أنه الفصل الذي يتبع الشتاء ويأتي فيه الَوَرْدُ والنَّوْرُ ولا يعرفون الربيع غيره والعرب تختلف في ذلك: فمنهم من يجعل الربيعَ الفصلَ الذي تُدْرِك فيه الثمار - وهو الخريف - وفصلُ الشتاء بعده ثم فصلُ الصيف بعد الشتاء - وهو الوقت الذي تدعوه العامة الربيع - ثم فصل القَيْظ بعده وهو الوقت الذي تدعوه العامةُ الصيفَ ومن العرب من يسمى الفصل الذي تدرك فيه الثمار - وهو الخريف - الربيعَ الأولَ ويسمى الفصل الذي يتلو الشتاء وتأتي فيه الْكَمْأَةُ والنَّوْرُ الربيعَ الثاني وكلهم مجمعون على أن الخريف هو الربيع
************************************************
ومن ذلك (الظلُّ والْفَيءُ) يذهب الناس إلى أنهما شيء وَاحد وليس كذلك لأن الظل يكون غُدْوَةً وعَشِيّةً ومن أول النهار إلى آخره ومعنى الظل السِّتْر ومنه قول الناس (أَنَا فيِ ظِلِّكَ) أي: في ذَرَاكَ وسِتْرِك ومنه (ظل الجنة وظل شجرها) إنما هو سترُها وَنواحيها وظلُّ الليل: سواده لأنه يستر كل شيء قال ذو الرُّمة:
(قَدْ أَعْسِفُ النازِحَ الْمَجْهُولَ مَعْسِفُهُ ... فيِ ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هَامَةُ الْبُومُ)
أي: في سِتْر ليل أسودَ فكأن معنى ظل الشمس ما سترته الشخوصُ من مَسْقطها والفيءُ لا يكون إلا بعد الزوال ولا يقال لما قبل الزوال فيء وإنماسمى بالعشي فيئًا لأنه ظلٌّ فاء عن جانب إلى جانب أي: رَجَع عن جانب المغرب إلى جانب المشرق والفيء هو الرجوع ومنه قول الله عز و جل: (حَتَّى تَفِيءَ إلى أَمْرِ 28 الله) أي: ترجع إلى أمر الله
وقال امرؤ القيس:
(تَيَمَّمَتِ الْعَيْنَ التي عِنْدَ ضَارِج ... يَفيءُ عَلَيهَا الظلُّ عَرْمَضُهَا طامٍ)
أي: يرجع عليها الظل من جانب إلى جانب فهذا يدلك على معنى الفيء
ـ[أبو الفرج المنصوري]ــــــــ[08 - 06 - 09, 04:43 م]ـ
ومن ذلك (العِرْضُ) يذهب الناس إلى أنه سَلَفُ الرجل من آبائه وأمهاته وأن القائل إذا قال (شَتَمَ عرضي فلان) إنما يريد شتم آبائي وأمهاتي وأهْلَ بيتي وليس كذلك إنما عِرْض الرجل نفسُه ومَنْ شتم عِرْضَ رجل فإنما ذكره في نفسه بالسوء ومنه قول النبيّ في أهل الجنة (لا يَبُولُونَ ولا يَتَغَوَّطون إنما هو رَقَ يخرج من أعراضهم مثل المِسْكِ) يريد يجري من أبدانهم ومنه قول أبي الدَّرْداء (أقْرِض من عِرضك ليوم فقرك) يريد مَن شتمك فلا تشتمه ومن ذكرك بسوء فلا تذكره ودَعْ ذلك عليه قَرْضاً لك ليوم القصاص والجزاء ولم يرد أقرض عرضك من أبيك وأمك 32 واسلافك لأن شَتْمَ هؤلاء ليس إليه التحليلُ منه وقال ابن عُيَيْنَة: لو أن رجلا أصاب من عرض رجل شيئاً ثم تَوَرَّعَ فجاء إلى ورثته أو إلى جميع أهل الأرض فأحَلّوه ما كان في حلٍّ ولو أصاب من ماله شيئاً ثم دفعه إلى ورثته لكنا نرى ذلك كفارة له فعِرْضُ الرجل أشد من ماله قال حسان بن ثابت الأنصاري:
(هَجَوْتَ محمَّدًا فأجَبْتُ عَنْهُ ... وعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ)
(فإنَّ أَبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ محمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ)
أراد فإن أبي وجَدَّي ونفسي وقاء لنفس محمد ومما يزيد في وضوح هذا حديثٌ حدَّثنيه الزيادي عن حَمَّاد بن زيد عن هشام عن الحسن قال: قال الله (أَيَعْجِزُ أحدكم أنْ يَكونَ كأبي ضَمْضَمٍ كان إذا خرج من منزله قال: 33 اللهم إني قد تصدَّقْتُ بِعِرْضِي على عِبادك)
************************************************** **********
ومن ذلك (الفقير والمسكين) لا يكاد الناس يَفْرُقُونَ بينهما وقد فَرَق الله تعالى بينهما في آية الصدقات فقال جل ثناؤه (إنما الصّدَقَاتُ للفقراء والمساكين) وجعل لكل صنف سَهْمًا والفقير: الذي له البُلْغة من العيش والمسكين: الذي لا شيء له قال الراعي: (أَمّا الْفَقِيرُ الّذِي كانَتْ حلُوبَتُهُ ... وَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَد)
فجعل له حَلُوبة وجعلها وَفْقًا لعياله أي: قوتاً لا فَضْلَ فيه.
************************************************** **********
ومن ذلك (الحمد والشكر) لا يفرق الناس بينهما فالحمد: الثناء على الرجل بما فيه من حَسَن تقول: (حَمِدْت الرّجُل) إذا أَثنيتَ عليه بكرم أو حَسَب أو شجاعة وأشباه ذلك والشكر له: الثناء عليه بمعروفٍ أولاَكَهُ وقد يوضع الحمد موضع الشكر فيقال (حمدته على معروفه عندي) كما يقال: (شكرت له) ولا يوضع الشكر موضع الحمد فيقالَ: (شكرت له على شجاعته)
************************************************** **********
ومن ذلك (الجَبْهَةُ والْجَبين) لا يكاد الناس يفرقون بينهما فالجبهة: مَسْجِدُ الرجل الذي يصيبه نَدَبُ السجود والجبينان: يكتنفانها من كل جانب جبينٌ
************************************************** **********
ومن ذلك (الأعجميُّ والعجميُّ) (والأعرابيُّ والعَربيُّ) لا يكاد عوامُّ الناس يفرقُون بينهما فالأعجمي: الذي لا يُفْصِح وإن كان نازلا في البادية، والعجميُّ: المنسوبُ إلى العجم وإن كان فصيحاً والأعرابي: هو البدوي وإن كان بالحضر والعربيُّ: المنسوب إلى العرب وإن لم يكن بَدَويا
************************************************** **********
¥