4 - تسلط الجن على الإنس، وأنهم ممكنون من ذلك ولكن (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) (البقرة: من الآية102)
5 - توثيق الصلة بالله: فالذين يتوجهون إلى الله وحده ويخلصون قلوبهم لله لا يملك الشيطان أن يسيطر عليهم مهما وسوس لهم فإن صلتهم بالله تعصمهم أن ينساقوا معه وينقادوا إليه وقد يخطئون لكنهم لا يستسلمون فيطردون الشيطان عنهم ويثوبون إلى ربهم من قريب.
6 - حاجتنا التامة إلى الله، فلولا الاحتياج غليه لما كان في الاستعاذة فائدة.
7 - الإقرار بالفقر التام للعبد، والغنى التام لله سبحانه وتعالى، فقولك: (بالله) إشارة إلى الغني التام للحق، وقول العبد (أعوذ) إقرار على نفسه بالفقر والحاجة.
8 - الإقرار بقدرة الحق سبحانه وتعالى على جلب النفع وتحصيل الخير ودفع الضر، فقولك: (بالله) إقرار بأن الحق قادر على تحصيل كل الخيرات ودفع كل الآفات.
9 - أن غير الله غير موصوف بهذه الصفة فلا دافع للحاجات إلا هو، ولا معطي للخيرات إلا هو، فعند مشاهدة هذه الحالة يفر العبد من نفسه ومن كل شيء سوى الحق فيشاهد في هذا الفرار سر قوله: {فَفِرُّواْ إِلَى ?للَّهِ} [الذاريات: 50].
10 - أن قوله: (أعوذ بالله) اعتراف بعجز النفس وبقدرة الرب.
11 - لا وسيلة إلى القرب من الله إلا بالعجز والانكسار.
12 - أن الإقدام على الطاعات لا يتيسر إلا بعد الفرار من الشيطان، وذلك هو الاستعاذة بالله.
13 - أن أجل الأمور التي يلقي الشيطان وسوسته فيها قراءة القرآن، والصلاة، لأن من قرأ القرآن ونوى به عبادة الرحمن وتفكر في وعده ووعيده وآياته وبيناته ازدادت رغبته في الطاعات ورهبته من المحرمات، ومن خشع في صلاته فقد أفلح في الدنيا والآخرة، فلهذا السبب صارت قراءة القرآن، والصلاة من أعظم الطاعات، فلا جرم كان سعى الشيطان في الصد عنهما أبلغ، وكان احتياج العبد إلى من يصونه عن شر الشيطان أشد.
14 - الشيطان عدو الإنسان كما قال تعالى: {إِنَّ ?لشَّيْطَـ?نَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَ?تَّخِذُوهُ عَدُوّاً}.
15 - الرحمن مولى الإنسان وخالقه ومصلح مهماته.
16 - قال تعالى: {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ?لْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] فالقلب إذا تعلق بغير الله، واللسان إذا جرى بذكر غير الله حصل فيه نوع من اللوث، فلا بدّ من استعمال الطهور، فلما قال: {أَعُوذُ بِ?للَّهِ} حصل الطهور، فعند ذلك يستعد للصلاة الحقيقية وهي ذكر الله تعالى فقال: {بِسْمِ اللَّهِ}.
17 - لك عدوان أحدهما ظاهر والآخر باطن، وأنت مأمور بمحاربتهما قال تعالى في العدو الظاهر: {قَـ?تِلُواْ ?لَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِ?للَّهِ} [التوبة: 29] وقال في العدو الباطن: {إِنَّ ?لشَّيْطَـ?نَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَ?تَّخِذُوهُ عَدُوّاً} [فاطر: 6] فكأنه تعالى قال: إذا حاربت عدوك الظاهر كان مددك المَلك، كما قال تعالى: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءالافٍ مّنَ ?لْمَلَئِكَةِ مُسَوّمِينَ} [آل عمران: 125] وإذا حاربت عدوك الباطن كان مددك الملِك كما قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلِيهم سُلْطَـ?نٍ}.
18 - محاربة العدو الباطن أولى من محاربة العدو الظاهر؛ لأن العدو الظاهر إن وجد فرصة ففي متاع الدنيا، والعدو الباطن إن وجد فرصة ففي الدين واليقين، وأيضاً فالعدو الظاهر إن غلبنا كنا مأجورين، والعدو الباطن إن غلبنا كنا مفتونين، وأيضاً فمن قتله العدو الظاهر كان شهيداً، ومن قتله العدو الباطن كان طريداً، فكان الاحتراز عن شر العدو الباطن أولى، وذلك لا يكون إلا بأن يقول الرجل بقلبه ولسانه (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
19 - كأنه تعالى يقول يا عبدي، ما أنصفتني، أتدري لأي شيء تَكَدَّرَ ما بيني وبين الشيطان؟ إنه كان يعبدني مثل عبادة الملائكة، وكان في الظاهر مقراً بألوهيتي، وإنما تكدر ما بيني وبينه لأني أمرته بالسجود لأبيك آدم فامتنع، فلما تكبر نفيته عن خدمتي، فعادى أباك، وامتنع من خدمتي، ثم إنه يعاديك منذ زمن وأنت تحبه، وهو يخالفك في كل الخيرات وأنت توافقه في كل المرادات، فأترك هذه الطريقة المذمومة وأظهر عداوته فقل: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
¥