[«الله جل جلاله»]
ـ[ tafza] ــــــــ[27 Feb 2005, 03:15 ص]ـ
[«الله جل جلاله»]
بسم الله الرحمن الرحيم;
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته;
الله: هو اسم الذَّات العليَّة، خالق الأكوان والوجود، وهو ليس إله العرب أو المسلمين وحدهم، بل هو إله النَّاس والمخلوقات أجمعين
هو الله الَّذي لا إله غيره، الباقي، الحيُّ، الَّذي لا يموت، من له ملكوت كلِّ شيء في السموات والأرض؛ من بيده تصريف شؤون الخلق، يكلؤهم برعايته، دون أن يغفل أو ينام.
هو الله الَّذي له الأسماء الحسنى والَّتي ما كُنَّا لندركها لولا أن أَطْلَعَنا عليها في كتبه السماوية، لنعرفه بها معرفة تزيدنا منه قرباً وله حبّاً. وبعض هذه الأسماء يتعلَّق بصفات ذاته القدسية، بينما يعبِّر بعضها الآخر عن أفعاله، فإذا عرفنا مدلولات هذه الأسماء جميعاً اكتملت لنا الدائرة الَّتي يمكن أن نعيش فيها حياة إيمانية سعيدة برعاية الله الواحد الَّذي خلق كلَّ شيء فأحسن خلقه.
فالأسماء المتعلِّقة بصفاته عزَّ وجل هي الَّتي تهدي المؤمن إلى معرفة الذَّات الإلهية، من حيث الوحدانية، والحياة، والقِدم، والبقاء، والعلم، وغير ذلك من الصفات الَّتي توحي بعظمته وقوَّة سلطانه منذ الأزل.
أمَّا الأسماء الَّتي تتعلق بأفعاله عزَّ وجل فهي الَّتي يندرج تحتها كلُّ ما له علاقة بالخلق والإبداع، وما ينتج عنهما من إيجاد الأكوان والإنسان وسائر المخلوقات، والتعرُّف بالنُّظُم والأصول الَّتي أحكم الله تعالى بها هذا الخلق البديع بكلِّ جزئيَّاته، منذ بدء الخليقة وإلى ما شاء تعالى.
والله ليس كمثله شيء في كماله، وصفاته، وحقيقته وأفعاله، ومهما حاول الإنسان أن يسعى لإدراك هذه الحقيقة، فإنه سوف يبقى عاجزاً عن ذلك، قال تعالى: { ... ليسَ كمثلِه شيءٌ وهو السميعُ البصيُر} (42 الشورى آيه11). وقد سئل الإمام علي (كرَّم الله وجهه): بم عرفت ربَّك؟ فقال: (عرفته بما عرَّفني به نفسه، لا يُدرَكُ بالحواس ولايُقاس بالقياس، ولا يشبه النَّاس، قريب في بعده، بعيد في قربه، فوق كلِّ شيء ولايقال تحته شيء، وأمام كلِّ شيء ولايقال خلفه شيء).
وقد ورد في الأثر: [تفكَّروا في الخلق، ولاتفكَّروا في الخالق، فإنَّكم لاتقدرون قدره].
وفيما يلي نلقي الضوء على بعض هذه الأسماء، مسترشدين بما جاء في القرآن الكريم من توضيح لمفهومها، وبيانٍ وتفصيل لمدلولاتها.
ـ الواحد، الأحد، الفرد، الصَّمد
قال تعالى: {قُلْ هو الله أحَدٌ* الله الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ ولمْ يُولَدْ * ولمْ يَكن لهُ كُفُواً أحَدٌ} (112 الإخلاص آية1ـ4).
أخرج الإمام أحمد عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه أن الوثنيين قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: يامحمَّد! انسب لنا ربَّك؛ فأنزل الله تعالى سورة الإخلاص.
فكانت هذه السورة توجيهاً من الله لرسوله ليعلن للناس من خلالها أنَّ الإله الَّذي يعبده ويدعوهم لعبادته هو الله الواحد الأحد الَّذي لا شريك له، ولا شبيه ولا نظير، إنْ في ذاته أو صفاته أو أفعاله.
ولفظ (أحد) في الآية أدقُّ من لفظ (واحد) لأنَّه يضيف إلى معنى (الواحد) أنَّه لا شريك له، وأنَّه متفرِّد بالألوهية؛ ممَّا يُقرُّ في القلب يقيناً بأن التوجُّه بالعبوديَّة لا يكون إلا إليه وحده، وهذا يعني استغناءه عن كلِّ ما سواه. وبذلك تتكامل عقيدة الإنسان فيستعين بالله وحده، ويهتدي بنوره، فيمتثل أوامره، ويجتنب نواهيه.
وقد سُميِّت هذه السورة بسورة الإخلاص؛ لأنها مدرسة المؤمن، ينتسب إليها ليتعلَّم كيفية إخلاص الاعتقاد بوحدانية الله عزَّ وجل، وحقيقة كلمة التوحيد الَّتي أمر الله تعالى رسوله الكريم بتبليغها للناس، فتلقَّفها الصحابة الكرام بإيمان وطمأنينة وثبات؛ فها هو بلالٌ الحبشي رضي الله عنه يُعذَّب ـ بسبب إسلامه ـ من قِبَلِ وثنيِّي قريش مع بدايات الدعوة في مكة، فلا يفتر لسانه عن ترديد كلمة الإخلاص، وينادي بقلب عاشق لله: (أحَد أحد، فرد صمد). أحد أحد ... فلا شيء في القلب غير الله، وعظمته وخشيته، فهو المستجيب لكلِّ من يقصده، وهو المجير لكلِّ من يلوذ بحِمَاه. أحد أحد ... المنفرد الخالق للأكوان، المنزَّه عن التقيُّد بالزمان أو الحاجة إلى المكان، لا شيء قبله ولا شيء بعده، ولا مثيل له ولا شريك
¥