[حكم تارك الصلاة في القرآن والسنة لأبي حذيفة الشواني الكردي (إمام وخطيب عراقي)]
ـ[أبوحذيفة الكردي]ــــــــ[19 Mar 2005, 11:28 ص]ـ
حكم تارك الصلاة
1) قوله تعالى» أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون، أم لكم كتاب فيه تدرسون، إن لكم فيه لما تخيرون، أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون، سلهم أيهم بذلك زعيم، أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين، يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون «.
يقول القاضي أبو محمد عبدالحق بن غالب بن عطية الأندلسي في تفسير» وقد كانوا يدعون إلى السجود «يريد في دار الدنيا وهم سالمون مما نال عظام ظهورهم من الاتصال والعتو، وقال بعض المتأولين: (السجود) هنا عبارة عن جميع الطاعات، وخص السجود بالذكر من حيث هو عظم الطاعات، ومن حيث به وقع امتحانهم في الآخرة، وقال إبراهيم التيمي والشعبي: أراد بالسجود الصلوات المكتوبة، وقال ابن جبير: المعنى كانوا يسمعون النداء للصلاة (حي على الفلاح) فلا يجيبون.
يقول ابن القيم: فوجه الدلالة من الآية: أنه سبحانه أخبر أنه لا يجعل المسلمين كالمجرمين، وأن هذا الأمر لا يليق بحكمته ولا بحكمه، ثم ذكر أحوال المجرمين الذين هم ضد المسلمين فقال» يوم يكشف عن ساق «، وأنهم يدعون إلى السجود لربهم تبارك وتعالى فيحال بينهم وبينه، فلا يستطيعون السجود مع المسلمين عقوبة لهم على ترك السجود له مع المصلين في دار الدنيا، وهذا يدل على أنهم مع الكفار والمنافقين الذين تبقى ظهورهم إذا سجد المسلمون كصياصي البقر، ولو كانوا من المسلمين لأذن لهم بالسجود كما أذن للمسلمين.
يقول ابن تيميه: إنما يصف سبحانه بالامتناع عن سجود الكفار كقوله» يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة «.
يقول الإمام القرطبي: «أفنجعل المسلمين كالمجرمين» أي كالكفار، وقال ابن عباس وغيره: قالت كفار مكة إنا نعطى في الآخرة خيراً مما تعطون، فنزلت «أفنجعل المسلمين كالمجرمين» ثم وبخهم فقال «ما لكم كيف تحكمون» هذا الحكم الأعوج كأن أمر الجزاء مفوض إليكم حتى تحكموا فيه بما شئتم أن لكم من الخير للمسلمين.
يقول سعيد حوى «ويدعون إلى السجود» أي ويدعى الكفار ثمة إلى السجود توبيخاً لهم على تركهم السجود في الدنيا «فلا يستطيعون» وذلك بصيرورة ظهورهم طبقاً واحداً كما سنرى في الحديث الصحيح «خاشعة» أي ذليلة «أبصارهم وترهقهم ذلة» أي يغشاهم صغار «وقد كانوا يدعون» على ألسن الرسل «إلى السجود» في الدنيا «وهم سالمون» أي وهم أصحاء فلا يسجدون فلذلك منعوا من السجود ثم.
حدثنا ابن حميد قال: ثنا مهران عن سفيان عن منصور عن إبراهيم التيمي «وقد كانوا يدعون إلى السجود» قال: إلى الصلاة المكتوبة.
حدثنا ابن حميد قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبير «وقد كانوا يدعون الى السجود» قال: يسمع المنادي إلى الصلاة المكتوبة فلا يجيبه.
يقول الإمام الفخر الرازي رحمه الله: إعلم أنا بينا أنهم لا يدعون إلى السجود تعبداً وتكليفاً. ولكن توبيخاً وتعنيفاً على تركهم السجود في الدنيا، ثم أنه تعالى حال ما يدعوهم إلى السجود يسلب عنهم القدرة على السجود ويحول بينهم وبين الاستطاعة حتى تزداد حسرتهم وندامتهم على ما فرطوا فيه، حين دعوا إلى السجود وهم سالموا الأطراف والمفاصل … … … … …، «وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون» يعني حين كانوا يدعون إلى الصلوات بالأذان والإقامة وكانوا سالمين قادرين على الصلاة.
يقول الإمام ابن كثير رحمه الله: وقوله تعالى «خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة» أي في الدار الآخرة بإجرامهم وتكبرهم في الدنيا فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه، وكما دعوا إلى السجود في الدنيا فامتنعوا منه مع حجتهم وسلامتهم كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الآخرة إذا تجلى الرب عز وجل فيسجد له المؤمنون ولا يستطيع أحد من الكافرين ولا المنافقين أن يسجد بل يعود ظهر أحدهم طبقاً واحداً كلما أراد أحدهم أن يسجد خر لقفاه عكس السجود كما كانوا في الدنيا بخلاف ما عليه المؤمنون.
¥