تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[منزلة تفسيري (التبيان) و (مجمع البيان) بين تفاسير الشيعة]

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[13 Mar 2005, 01:03 ص]ـ

ما سِرُّ الاختلاف بين تفسيري "التبيان" للطوسي (ت:460) , و"مجمع البيان" للطبرسي (ت:538) , وبين بقية كتب التفسير عند الإمامية الرافضة؟!

عامَّة كتب التفسير الإمامية توغِلُ إلى حَدِّ الإسفاف في التأويل الباطني للآيات, وتتلاعب بالمعاني في سذاجة لا يقبلها عقل, وليس فيها نقلٌ عن مفسري السلف, إلا ما وافق هواهم, أو وُضِعَ ليكون كذلك, ولا اعتبار فيها لسياقٍ, أو سبب نزول, أو قصة آية, أو تفسير نبوي, أو بالقرآن, أو بعموم السنة .. , أو نحو ذلك من أصول التفسير المعتمدة عند أهل العلم, إلا ما كان لهم فيه مُستَدَل, ولو كان أبعد من المحسوس!! , وتفسير العسكري, والعياشي, والقُمِّي, والصافي, والبرهان, أو حتى أصول الكافي طافحةٌ بذلك.

غيرَ أن الناظر في تفسيري "التبيان" للطوسي, -وتبعه الطبرسي في "مجمع البيان", وبنى عليه تفسيره, كما نَصَّ عليه في مقدمته- يجدهما أقرب تفاسير الشيعة إلى أصول تفاسير أهل السنة:

- فالتأويل الباطني فيهما يقلُّ بوضوح, وهو موجود,

- كما سلمت من المُتناقضات ومُحالات العقول إجمالاً,

- والنقل في "التبيان" عن مفسري السلف - من الصحابة والتابعين - كثير, مع حمد طرائقهم في التفسير, وتقديمهم على غيرهم.

ويقل جداً فيه النقل عن أئمة الرافضة إلا ما وافقت فيه أقوالهم أقوال أهل السنة.

- وفيما عدا ذلك يوافقان المعتزلة في كثير من الأصول.

فهل يمثلان في تفسيريهما المنهج الشيعي الإمامي في التفسير؟

وهل يُعتَبَر ذلك منهما خُطوة نحو تشيع مُعتَدِل؟!

ربما كان سيؤخذ الأمر كذلك,

إلا أن عالم الشيعة, ومُحَدِّثُها, وخبير رجالها, وصاحب آخر مجموع من مجاميعهم الحديثية, وأستاذ كثير من علمائهم الأقطاب, كمحمد حسين آل كاشف الغطا, وأغابزرك الطهراني .. , وغيرهم, وهو: حسين النوري الطبرسي, له رأي آخر, وهو: أن كتاب "التبيان" للطوسي إنما وُضِعَ على طريقة ’’ التُّقيَة ‘‘ والمداراة للخصوم, وإليك نصُّ كلامه:

(ثم لا يخفى على المتأمل في كتاب "التبيان", أن طريقته فيه على نهاية المداراة والمماشاة مع المخالفين؛ فإنك تراه اقتصر في تفسير الآيات على نقل كلام الحسن, وقتادة, والضحاك, والسدي, وابن جريج, والجبائي, والزجاج, وابن زيد, وأمثالهم, ولم ينقل عن أحد من مفسري الإمامية, ولم يذكر خبراًعن أحد من الأئمة عليهم السلام, إلا قليلاً في بعض المواضع؛ لعله وافقه في نقله المخالفون, بل عَدَّ الأولين في الطبقة الأولى من المفسرين, الذين حُمِدَت طرائقهم, ومُدِحَت مذاهبهم. وهو من الغرابة لو لم يكن على وجه المماشاة, فمن المحتمل أن يكون هذا القول منه فيه على نحو ذلك.

ومما يؤيد كون وضع الكتاب على التقية, ما ذكره السيد الجليل علي بن طاوس, في "سعد السعود", وهذا لفظه: ونحن نذكر ما حكاه جدي أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي, في كتاب "التبيان")., وحَمَلَته التقية على الاقتصار عليه, من تفصيل المكي والمدني, والخلاف في أوقاته, إلخ. - هكذا لم يكمل الطبرسي العبارة - وقال الطبرسي مُعَلِّقاً: وهو أعرف - أي: ابن طاوس - بما قال - أي: الطوسي - من وجوه لا يخفى على من اطلع على مقامه, قتأمل). [فصل الخطاب: الورقة 17, النسخة المخطوطة. بواسطة: مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة, للقفاري, 1/ 244 - 245].

أمَّا الطبرسي فقد قال في مقدمة تفسيره عن تفسير الطوسي "التبيان":

(فإنه الكتاب الذي يُقتَبَس منه ضياء الحق, ويلوح عليه رواء الصدق .. , وهو القدوة أستضيء بأنواره, وأطأ مواقع آثاره). [بواسطة: التفسير والمفسرون, للذهبي 2/ 107].

وهذا الرأي ينبغي اعتباره لأمور:

أولاً: للمكانة العلمية لمن صَرَّح به بين علماء الشيعة, وهما: ابن طاوس - حفيد الطوسي -, وحسين النوري.

ثانياً: لموافقته أصلاً مهماً من أصول الإمامية, وهو ’’ التقية ‘‘.

ثالثاً: وجود ’’ التقية ‘‘, أو احتمال وجودها في أحد تفاسير الشيعة, يُخرِجه من دائرة المراجع الأصلية في الكشف عن منهج التفسير عند الشيعة, لأنه في النهاية لن يخرج عن دائرة أقوال أهل السنة - بالمعنى العام -.

رابعاً: أن جميع كتب أصول الشيعة وتفاسيرهم سارت على مهيع واحد, أجملته في أول الموضوع, وخروج تفسير أو اثنين عن ذلك يعني أنهما لعارض, كالتعبد بالتقية, أو التودد لأهل السنة, خاصة أن الطوسي عايش جماعة من علماء أهل السنة ببغداد, واختلط بهم.

فإن قيل: ألا يحتمل أن يكون تَغَيُّرُ منهج الطوسي في تفسيره تابعٌ لتغير موقفه من التشيع الإمامي الغالي, وليس من باب التقية؟

قيل: كلا الأمرين مُحتَمَل, ولكنهما لا يغيران في القضية شيئاً؛

فإن كان كتبه تقيةً, فلا يصلح مثالاً لتفاسير الشيعة كما سلف,

وإن كان كتبه عن قناعة بانحراف شيعته في طريقتهم في التفسير, فَغَيَّرَ منهجه وتجاوز مواطن الإنحراف عندهم, فقد أخرج تفسيره بنفسه عن أن يكون على منهج الإمامية في التفسير.

** وخلاصة القول أنه:

ينبغي التعرف على مناهج التفسير عند الإمامية الرافضة من غير كتابي "التبيان" للطوسي, و"مجمع البيان" للطبرسي؛

لأنهما على منهج التقية تعبداً وتدليساً, أو على غير منهج الإمامية قناعةً واعتقاداً.

والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير