[نشأة علوم القرآن ... تلخيص وبيان.]
ـ[أبو معاذ البلقاوي]ــــــــ[09 Dec 2004, 12:23 ص]ـ
الحمد لله وكفى،وسلاما على عباده الذين اصطفى، وبعد فهذه كلمات موجزة ضمّنتها خلاصة أبحاث حول نشأة علوم القرآن وأوائل المصنفات فيها، سائلا المولى التوفيق والسداد.
أولاً / عهد النبوة:
لقد أنزل الله القرآن على نبيه محمد r بلسان عربي مبين، فكان يقرؤه أصحابه وكانوا يفهمون القرآن بسليقتهم، وإذا استشكل عليهم شيء سألوا رسول الله r فيبيّنه لهم، وكان يقرئ كلا منهم على الحرف الذي يتيسر له، وكان الصحابة يعرفون ناسخ القرآن ومنسوخه، وشهدوا أسباب النزول ومواضعه، وكانو يكتبون القرآن على مايتيسر من عسب ولخاف وقطع الأكتاف، وكان r يرشد إلى مواضع الآي والسور فجاء مرتب الآي والسور.
ثانيا / عهد الخلافة الراشدة:
ثم جمع أبو بكر القرآن مرتبا في صحف بعد تفرقه في العسب واللخاف.
وفي عهد ذي النورين عثمان t جمع الناس على مصحف واحد مرسوم بدقة متناهية، وحّرق ماسواه درءا للفتنة، فكان هذا باكورة لعلم رسم القرآن وضبطه.
ويروى أن عليّا t كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ، كما أنه أمر أبا الأسود الدؤلي بوضع قواعد النحو صيانة للنطق وضبطا للقرآن، فكانت هذه باكورة علم إعراب القرآن.
ثالثا/ تتمة القرن الأول:
ذكر أن زيادا أمر أبا الأسود الدؤلي فوضع قواعد الشكل، وهو الذي ابتدأ نقط الحروف، وقيل هو نصر بن عاصم الليثي، وأنه هو الذي خمّسها وعشّرها، وقيل هو يحيى بن معمر، وأكثر العلماء على الأول.
وفي هذا القرن كتب يحيى بن معمر كتابا في القراءة، جمع فيه اختلاف المصاحف المشهورة؛ وقيل إن سعيد بن جبير كتب صحيفة في تفسير القرآن.
رابعا / القرن الثاني الهجري:
بدأ فيه تدوين الحديث والتفسير، وظهرت مؤلفات كالتفسير لمجاهد، والتفسير للضحاك، والتفسير لعكرمة، والتفسير لمحمد بن كعب القرظي، و (عد الآي) و (نزول القرآن) للحسن البصري، و (عواشر القرآن) و (الناسخ والمنسوخ) لقتادة، وتفسير يحيى بن سلاّم ... وغيرها، وكان التأليف معتمدا على الرواية والنقل، وربما أدمج التفسير بغيره من الحديث في كتاب واحد كما فعل المحدّثون حين أفردوا أبوابا في علوم القرآن في مصنفاتهم، فهم أول الناس عناية بعلوم القرآن من ناحية التدوين الجمعي.
كما أن كتب المغازي و السّير تضمنت تضاعيفها طائفة صالحة من مباحث علوم القرآن
خامسا / القرن الثالث الهجري:
وفيه اتسعت دائرة التأليف بشكل ملموس ومما ألّف فيه: (الناسخ والمنسوخ) للخفاف، وللأعور؛ و (إعراب القرآن) لعبد الملك القرطبي، ولأبي حاتم السجستاني، ولثعلب، و (فهم القرآن) للحارث المحاسبي؛ وغيرهم كثير كعبد الرزاق، وأبي عبيد، وابن المديني، وابن قتيبة.
سادسا / القرن الرابع الهجري:
ويعد قرن ازدهار التأليف والتفنن في جميع العلوم؛ ومما ألّف فيه:
(الحاوي في علوم القرآن) لابن المرزبان، (الاستغناء في علوم القرآن) للأدفوي، (المختزن في علوم القرآن) لأبي الحسن الأشعري، كما ظهر نجم كتب التفسير ودرّته (جامع البيان) لابن جرير الطبري.
وبهذا أوجزنا المراحل التي مرّ بها هذا العلم حتى دوّن بمفهومه الاصطلاحي؛
ثم تتابع التأيف في شتى علوم القرآن جمعا لها أو إفرادا.
فمن المؤلفات التي جمعت جملة من علومه: (فنون الأفنان في عيون علوم القرآن)،و (المجتبى في علوم تتعلق بالقرآن) كلاهما لابن الجوزي، و (التنبيه على فضل علوم القرآن) لابن حبيب النيسابوري، وصنّف علم الدين السخاوي (جمال القرّاء وكمال الإقراء)، وغيرها كثير كالبرهان للزركشي، والتحبير والإتقان كلاهما للسيوطي.
وفي العصر الحاضر ظهرت كتب نهلت من معين من سبقها ونقّحت وحقّقت وأضافت كـ (مناهل العرفان) للزرقاني، و (مباحث في علوم القرآن) لصبحي الصالح، ومن بعده منّاع القطان.
س / ما أول الكتب المصنفة في علوم القرآن {بالمعنى الاصطلاحي}:
مما سبق يتبين أن مباحث هذا العلم مجتمعة لم تأخذ وضعا مستقلا في أوائل عهود التأليف، وإمنا كانت مفرقة.
وإنه ليس بسهل للناظر أن يجزم بكتاب يعدّ أول مصنف في هذا الباب، وإنما نعرض إلى أهم الأقوال في ذلك:
ذهب الكافيجي ت 879هـ إلى أن كتابه (التيسير في قواعد علم التفسير) هو أول مادوّن في هذا الباب، واختار السيوطي كتاب (مواقع العلوم من مواقع النجوم) للبلقيني ت824هـ.
وذهب بعض المعاصرين إلى أنه (البرهان) للحوفي، ولكنه كتاب تفسير! وذهب آخرون إلى أنه (الحاوي في علوم القرآن) لابن المرزبان. ويرى الدكتور فاروق حمادة بأن أحرى الكتب أن تكون سابقة هذا الميدان حتى الآن: كتاب (فهم القرآن) للحارث المحاسبي ت 243هـ وهو الذي نصره الدكتور حازم حيدر.
والحاصل أنه من المتعذر الجزم بأسبقية كتاب بعينه في هذا الفن.والله أعلم وله الحمد أولا وآخرا.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[31 Jan 2005, 10:02 م]ـ
أيها البلقاوي
ما تقييمك رحمك الله لكتاب القطان لو سمحت؟