[المفسر ابن عاشور .. الوجه الآخر: شهادة تلميذ ...]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[04 Apr 2005, 04:11 م]ـ
رأيت شدة احتفاء الاخوة -اساتذة وطلبة علم-بالمفسر المشهور الطاهر بن عاشور ... وكثرة الرجوع الى تفسيره التحرير والتنوير .... وهو تفسير -والحق يقال-لا يستغنى عنه ... ان كنا نبحث فى القرآن الكريم عن النكت البلاغية والوجوه البيانية .. لكن ابن عاشور غفر الله له .... روج لمذهب المتكلمين ... وحمل آيات الصفات ... على مقتضيات المذهب الاشعري .... فهو أشعري جلد ... يقترب احيانا من الاعتزال ... وأخشى ان يخفي اشراق المظهر الاول سواد المظهر الثاني ... لذلك انبه قراء التحرير والتنوير الى هذه الآفة ... من باب النصيحة لكتاب الله ...
وأنا استغل هنا هذه المناسبة .... لايراد مقال نفيس للعلامة السلفي المجاهد عبد الحميد بن باديس .. يكشف فيه عن الوجه الآخر للعلامة ابن عاشور .. ولفتة الى منهجه فى التفسير ... وعبرة للدعاة ... من حيث تأثير المنصب والوظيفة على المنهج .....
ملاحظة: مآخذ ابن باديس على شيخه ابن عاشور .. تتعلق بمسألة القراءة فى الجنائز ..
قال ابن باديس (نقلا من كتاب ابن باديس حياته وآثاره-جمع ودراسة د. عمار الطالبي. الجزء الثالث. دار الغرب الاسلامي. بيروت. ص ص 73 - 74 - 75
( ... شيخ الاسلام يقاوم السنة-ويؤيد البدعة-ويغري (السلطة) بالمسلمين هذا -والله -عظيم .. وان كان القارىء يود ان يعرف من هو هذا الذي تحلى بهذا اللقب وأتى بهذه الشنع التي لا يأتي بها من ينتمي انتماءا صادقا للاسلام من عامة المسلمين فكيف بشيخ الاسلام. ويزيد كاتب هذه السطورعجبا آخرفوق عجب كل أحد ان شيخه وأستاذه وصديقه الشيخ الطاهر بن عاشور هو الذي يأتي بهذا الباطل ويرتكب هذا الذنب ....
انني امرؤ جبلت على حب شيوخي واساتذتي وعلى احترامهم الى حد بعيد وخصوصا بعضهم واستاذي هذا من ذلك الخصوص ... ولكن ماذا اصنع اذا ابتليت بهم فى ميدان الدفاعىعن الحق ونصرته؟ لا يسعنى وانا مسلم أدين بقول الله تعالى:
{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (24) سورة التوبة
الا مقاومتهم ورد عاديتهم عن الحق واهله ....
دعوني -يا قرائي الافاضل-احدثكم عن شىء من حقيقة هذا الرجل كما عرفته وعن علا قتي به وأثره في حياتي فإن هذا وفاء لحق تلك الصحبة والاستاذية يهون على ما أجابهه به بعد.
عرفت هذا الاستاذ فى جامع الزيتونة وهو ثاني الرجلين اللذين يشار اليهما بالرسوخ فى العلم والتحقيق فى النظر والسمو والاتساع فى التفكير اولهما العلامة الاستاذ شيخنا (محمد النخلي) القيرواني -رحمه الله -وثانيهما العلامة الاستاذ شيخنا (الطاهر بن عاشور) وكانا كما يشار اليهما بالصفات التي ذكرنا يشار اليهما بالضلال والبدعة وما هو اكثر من ذلك لانهما كانا يحبذان آراء الاستاذ (محمد عبده) فى الاصلاح ويناضلان عنها ويبثانها فيمن يقرأ عليهما وكان هذا مما استطاع به الوسط الزيتوني ان يصرفني عنهما وما تخلصت من تلك البيئة الجامدة واتصلت بهما حتى حصلت على شهادة العالمية ووجدت لنفسي حرية الاختيار. فاتصلت بهما عامين كاملين كان لهما فى حياتي العلمية اعظم الاثر على ان الاستاذ ابن عاشور اتصلت به قبل نيل الشهادة بسنة فكان ذلك تمهيدا لاتصالى الوثيق بالاستاذ النخلي.
وان انس فلا انسى دروسا قرأتها من ديوان الحماسة على الاستاذ ابن عاشور وكانت من اول ما قرأت عليه فقد حببتني فى الادب والتفقه فى كلام العرب وبثت فى روحا جديدا فى فهم المنظوم والمنثور وأحيت منتى الشعور بعز العروبة والاعتزاز بها كما اعتز بالاسلام ..
مات الاستاذ النخلي على ما عاش عليه ..... وبقى الاستاذ ابن عاشور حتى دخل سلك القضاء فخبت تلك الشعلة وتبدلت تلك الروح فحدثني من حضر دروسه فى التفسيرأنه-وهو من أعرف انكاره على الطرق اللفظية وأساليبها- قد أصبح لا يخرج عن المألوف فى الجامع من المناقشات اللفظية على طريقة عبد الحكيم فى مماحكاته وطرائق أمثاله وبقي حتى تقلد خطة شيخ الاسلام ووقف هو وزميله الحنفي في مسألة التجنيس المعروفة من بضع سنين ذلك الموقف حتى اصبح اسمه لا يذكر عند الامة التونسية الا بما يذكر به مثله ... وهاهو اليوم يتقدم بمقال نشره بجريدة (الزهرة) فى عدد يوم الاثنين الرابع عشر من هذا الشهر المحرم يقاوم فيه السنة-ويؤيد فيه البدعة-ويغري (السلطة) بالمسلمين ....
فهل ابن عاشور هذا الملقب بشيخ الاسلام هو ابن عاشور استاذى الذى اعرف؟
لا ... ذلك شخص آخر مضى .. قضى عليه القضاء وأقبرته المشيخة ... وقد اديت له حقه بما ذكرته به. وهذا مخلوق آخر ليس موقفه اليوم أول مواقفه ولا احسبه يكون آخرها .. وإننى لا اود ان يكون آخرها .. فإن المسلمين اليوم بأشد الحاجة الى معرفة ما ينطوي عليه مثله ممن ينتحلون القابا مخترعة فى الاسلام ولا يفضحهم مثل مقال هذا الرجل ....
¥