العظيمةِ التي ما فكّروا أنْ يَغنموها، كيف يَغْنَمُ العربُ رعاةُ الشياه والإبلِ أرضَ فارسَ والرومِ إلاّ باتِّباعِ النبيِّ ? وَدِينِهِ: المهِمُّ أنّ هذه قاعدة معروفة مُقرَّرة وهو أنّ حَذَفَ المعمولَ يُؤْذِنُ بِعُمومِ العاملِ". (3)
وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (البقرة: من الآية216)
ذكر مِن فوائدها:" عُموم علم الله ?؛ لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ}؛ فحذفُ
المفعولِ يُفيد العمومَ، كما قال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى ? وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى ? وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} (الضحى:6 - 8): كُلها مَحذوفةُ المفاعيلِ: آواكَ، وآوَى بِكَ أيضاً؛ وأغناكَ، وأََغْنَى بِكَ؛ وهَدَاكَ، وهَدَى بِكَ ". (4)
هذا ما قرَّرهُ الشيخُ رحمه الله في هذه القاعدةِ، والأَوْلَى أنْ نُقيِّدَ ذلكَ بالعمومِ النسبيِّ، فنقولُ:حذفُ المفعولِ يُفيد العمومَ النسبيَّ، ومعنى العمومِ النسبيِّ أي: المعنى المناسب له، كما نَصَّ على ذلكَ شيخُهُ السعديُّ رحمه الله فقال:" القاعدة الرابعة عشرة: حَذْفُ المتعلّقِ المعمولِ فيه: يُفيد تعميمَ المعنى المناسبِ له ". (5)
ثم قال السعديُّ مُبيِّنًا أهمّية هذه القاعدةِ:" وهذه قاعدةٌ مفيدةٌ جدًّا، متى اعتبرها الإنسانُ في الآياتِ القرآنية أكسبتهُ فوائدَ جليلة.
وذلكَ أنّ الفعلَ وما هو معناه متى قُيِّدَ بشيءٍ تَقَيَّدَ بهِ، فإذا أطْلَقَهُ الله تعالى، وحَذَفَ المتعلّقَ كانَ القَصْدُ مِن ذلك َالتعميمُ. ويكونُُ الحذفُ هُنا أحسنَ وأفْيَدَ كثيرًا مِن التصريحِ بالمتعلّقاتِ وأجمعَ للمعاني النافعةِ " ثم ذكر أمثلةً لذلكَ. (6)
وقال الشوكانيُّ رحمه الله:"ذكرَ علماءُ البيانِ أنّ حذفَ المتعلّقِ يُشْعِرُ بالتعميمِ، نحوَ: زيدٌ يُعطِي ويَمْنَع، ونحو قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ} (يونس: من الآية25) فينبغي أنْ يكونَ ذلكَ مِن أقسامِ العمومِ، وإنْ لم يَذكُره أهلُ الأصولِ ". (7)
[ line]
( 1 ) تفسير سورة آل عمران صـ (87).
(2) تفسير سورة البقرة (3/ 50)، تفسير سورة المائدة صـ (145)، شرح القواعد الحسان صـ (49) القاعدة الرابعة عشرة.
(3) تفسير سورة آل عمران صـ (87).
(4) تفسير سورة البقرة (3/ 50).
(5) القواعد الحسان صـ (39). وانظر: شرح القواعد الحسان لابن عثيمين صـ (49).
(6) القواعد الحسان صـ (39).
(7) إرشاد الفحول (2/ 439).