وقوله تعالى: {فلن نزيد كم إلا عذاباً} قال عبد الله بن عمرو: لم ينزل على أهل النار آية أشد من هذه الآية ... قال: فهم في مزيد من العذاب أبداً. وعن الحسن قال: سألت أبا برزة الأسلمي عن أشد آية في كتاب الله على أهل النار قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرأ {فذوقوا فلن نزيد كم إلا عذاباً} قال: (هلك القوم بمعاصيهم الله عز وجل) جسر بن فرقد ضعيف الحديث بالكلية * رواه ابن أبي حاتم.
وقوله تعالى: {إن للمتقين مفازاً} قال ابن عباس: والضحاك متنزهاً. وقال مجاهد وقتادة: فازوا فنجوا من النار، والأظهر ههنا قول ابن عباس لأنه قال بعده {حدائق} والحدائق والبساتين من النخيل وغيرها.
وقوله تعالى: {وكواعب أتراباً} فقال ابن عباس ومجاهد وغير واحد {كواعب} أي نواهد يعنون أن ثديهن نواهد لم يتدلين لأنهن أبكاراً {عرب} أي في سن واحد.
وقوله تعالى: {كأساً دهاقاً} قال ابن عباس مملوءة متتابعة، وقال عكرمة: صافية.
وقوله تعالى: {لا يسمعون فيها لغولاً ولا كذاباً} كقوله {لا لغو فيها ولا تأثيم} أي ليس فيها كلام لاغ عارٍ عن الفائدة، ولا إثم كذب بل دار السلام وكل ما فيها سالم من النقص.
وقوله تعالى: {جزاءً من ربك عطاءً حساباً} أي هذا الذي ذكرناه جازاهم الله به وأعطاهموه بفضله ومنّه وإحسانه ورحمته، عطاءً حساباً أي كافياً وافياً سالماً تقول العرب أعطاني فاحسبني أي كفاني، وفيه حسبي الله أي الله كافيّ.
وقوله تعالى {لا يملكون منه خطاباً} أي لا يقدر أحد على ابتداء مخاطبته إلا بإذنه كقوله تعالى {من ذا الذي يشفع عند إلا بإذنه} وكقوله تعالى {يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه}.
وقوله تعالى {يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون} أختلف المفسرون في المراد بالروح ههنا ما هو؟ على أقوال (أحدها) ما رواه العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهم أرواح بني آدم (الثاني) هم بنو آدم قاله الحسن وقتادة، وقال قتادة هذا مما كان ابن عباس يكتمه (الثالث) أنهم خلق من خلق الله على صورة بني آدم وليسوا ملائكة ولا بشر وهم يأكلون ويشربون، قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهم، (الرابع) هو جبريل عليه السلام، وليشهد لهذا القول بقوله عز وجل {نزل به الروح الأمين*على قلبك لتكون من المنذرين}. وقال مقاتل بن حيان الروح هو أشرف الملائكة وأقرب إلى الرب عز وجل وهو صاحب الوحي. (الخامس) أنه القرآن قاله ابن زيد كقوله تعالى {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا} الآية (السادس) أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات قاله علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما ... وتوقف ابن جرير فلم يقطع بواحد من هذه الأقوال كلها والأشبه عندي والله أعلم أنهم بنو آدم.
وقوله تعالى {فمن شاء اتخذا إلى ربه مآباً} أي مرجعاً وطريقاً يهتدي إليه ومنهجاً يمر به عليه
وقوله تعالى {إنا أنذرناكم عذاباً قريباً} يعني يوم القيامة لتأكيد وقوعه صار قريباً لأن كل ما هو آت آت.
وقوله تعالى {ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً} أي يود الكافر يومئذ أنه في الدار الدنيا تراباً ولم يكن خلق ولا خرج إلى الوجود، وذلك حين عاين عذاب الله ونظر إلى أعماله الفاسدة قد سطرت عليه بأيدي الملائكة السفرة الكرام البررة. وقيل إنما يود ذلك حين يحكم الله بين الحيوانات التي كانت في الدنيا فيفصل بينها بحكمه العدل لا يجور ... فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها كوني تراباً فتصير تراباً، فعند ذلك يقول الكافر {يا ليتني كنت تراباً} أي كنت حيواناً فأرجع إلى التراب. أخر تفسير سورة النبأ مختصراً، اللهم إن أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً والله أعلم وأحكم.
مشاركة من أخوكم/ أبو معاذ