تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لدي بعض التعليقات على تجربتك .. إذا سمحت لي ..

فأنت تجري تجربتك على مربع ثنائي الأبعاد، ثم تقول:

إن لهذا المربع اطرافا واضحة عددها 4 وسننقص هذه الأطراف تماما كما تقول الآية الكريمة.

ولكن الآية الكريمة لا تتحدث عن مربع .. ولا عن شكل ثنائي الأبعاد .. تماماً .. كما تشترط أنت بتجربتك!!

فهي تتحدث عن "الأرض" على هيئتها الحالية .. وليس عن أرض كانت على شكل مربع .. ثم تحولت إلى هيئتها الهندسية التي نعرفها اليوم.

ومفهوم الآية الكريمة واضح وجلي للعيان. ولا أظن أن التكلف الزائد في تأويلها سيفي بشروط تجربتك .. وذلك لأسباب عدّة، أهمها: أولاً: أن ما تؤول إليه أنت يتعارض مع سياق الآيات التي سبقت هذه الآية الكريمة والآيات التي تليها .. فأنت إذا أمعنت ناظريك بما جاء في الآيات المحيطة بها تجد أن الكلام السابق لها طوى إهلاك الأمم الماضية في الإستدلال على قدرة الله تعالى على الجزاء الذي هو روح الحساب ودلّ عليه بواو العطف في "أولم يروا" .. ثم طوى في الكلام اللاحق بها مكر الكافرين الذي اجتمعوا عليه غير مرة .. فكان سبب الرفعة للإسلام وأهله وذل الشرك وأهله .. ودلّ على ذلك بواو العطف في قوله "وقد مكر الذين من قبلهم .. الآية".

فلما أرشد السياق السابق للآية إلى هذا التقدير: ألم يروا أنا أهلكنا مَن قَبلهم وكانوا أقوى منهم شوكة وأكثر عدّة؟ عطف عليه قوله "أولم يروا أنا" أي بما لنا من العظمة "نأتي الأرض" التي هؤلاء الكفرة بها "ننقصها من أطرافها" أي من نواحيها .. وذلك عبارة عن فتوح بلاد الشرك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: فتوح البلاد بعده. وفي ذلك دلالة على نبوته لصدق ما وُعد به عليه الصلاة والسلام.

جاء في عمدة الحفاظ: " .. والظاهر أن قوله "ننقصها من أطرافها" عبارة عن أخذ الناس بالموت .. كقوله تعالى: "قد علمنا ما تنقص الأرض منهم" (ق: 4) " .. وجاء في الكشاف عن الفائدة في قوله تعالى: "نأتي الأرض": "فيه تصوير ما كان الله يجريه على أيدي المسلمين .. وأن عساكرهم وسراياهم كانت تغزو أرض المشركين .. وتأتيها غالبة عليها ناقصة من أطرافها" ..

وهذا القول - الذي عليه جمهور العلماء - تدلّ عليه قرينة قرآنية صريحة جاء فيها قوله تعالى: "أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون" (الأنبياء: 44) .. فالإستفهام في قوله تعالى: "أفهم الغالبون" .. هو إنكار لغلبتهم .. ويدلّ على أن نقص الأرض من أطرافها سبب لغلبة المسلمين للكفار .. فالغلبة تكون لحزب الله القادر على كل شيء .. الذي أهلك ما حولهم من القرى بسبب تكذيبهم رسلهم .. وهو تحذير لكفار مكة الذين ليسوا بأقوى منهم ..

ثانياً: إذا افترضنا أن المقصود بـ"الأرض" في هذه الآية الكريمة هو كوكب الأرض الكروي الشكل .. ففيه تناقض واضح: وهو أن الكرة من الناحية الهندسية لا أطراف لها كما هو معلوم .. فإن قلت: الكرة ليست كروية الشكل وإنما مفلطحة عند القطبين .. أقول: إذا كان ذلك كذلك .. فكان من الحري أن يكون نص الآية " .. الأرض ننقصها من طرفيها" وليس من أطرافها .. وأظن أن هذا الأمر جلي للعيان ..

ثالثاً: إذا افترضنا أن المقصود بـ"الأرض" هنا اليابسة التي نحيا عليها .. فهذا أمر فيه نظر من وجهين .. الأول: من حيث أن الأرض بهذ المعنى المجسم لها أطراف فعلاً!! فكما أن أطراف الإنسان تتمثل في جوارحه كاليدين والرجلين .. فإن أطراف الأرض هنا تتمثل في النتوءات البارزة منها .. فسطح الأرض غير مستوٍ .. إذ نجد فيه قمم عالية .. وسفوح هابطة .. وسهول .. وهي أطراف طبقاً للتباين في النسب .. وهذه النتوءات تساعد فعلاً على عوامل التعرية المختلفة في محاولة متكررة لتسوية سطح الأرض .. وهي سنة دائبة من سنن الله في الكون ..

وأما الوجه الثاني فيتمثل في نسبة البحار إلى اليابسة على سطح الأرض .. إذ من المعلوم اليوم أن أجزاء من اليابسة تتحول باستمرار إلى بحار .. كما هو الحال في البحر الأحمر وخليج كاليفورنيا .. وهذا قد يشكل صورة من صور إنقاص الأرض من أطرافها .. بمعني طغيان مياه البحار والمحيطات علي اليابسة وإنقاصها من أطرافها ..

ولكن هذه الفرضية الأخيرة وإن كانت قابلة للإحتمال .. إلا أنها لا تتسق مع السياق الوارد في الآية الكريمة كما أسلفنا ..

هذا والله تعالى أعلم ورد الأمر إليه أسلم ..

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[08 Mar 2005, 03:15 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

يا حبّذا لو أن أحد الإخوة الكرام تفضّل علينا بتوضيح اللمسات البيانية في الفارق بين مطلعي الآيتين الكريمتين (أولم يروا) و (أفلا يرون)؟

" أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب " (الرعد: 41)

" أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون" (الأنبياء: 44)

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير