تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد يكون في هذه الشكوى الأخيرة وربطها بالأولى جواب للأخ السائل .. ذلك أن كبراء كفار القوم في مكة ومن اتبعهم اعترضوا على تنزيل القرآن منجماً، وأرادوا بهذا: أن تنزيله منجماً يدعو إلى الشك في أنه كلام الله. أليس الله عليماً بكل شيء، قديراً على أن ينزّل القرآن كله في وقت واحد كما أنزل كتباً سابقة على رسل سابقين دفعة واحدة؟

وعقب هذا جاء الردّ الرباني ببيان الحكمة من تنزيله منجّماً مفرّقاً، فقال الله عزّ وجلّ: " كذلك لنثبّت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً. ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً ".

والذي يهمنا هنا هو ما أشار إليه الأخ السائل: هل هناك حكمة بلاغية في ذكر لفظ (القرآن) بدلاً من لفظ (الكتاب)؟

وبالربط بين الآيتين الكريمتين المذكورتين أعلاه، مع ورود الفعل (نزّل)، يمكن الكشف عن سبب مجيء "القرآن" بدلاً من "الكتاب" في هذا الموطن .. فقد جاء في "سر الإعجاز " للدكتور القيسي:

إن لفظ (نزّل) يقتضي التكرار، لأجل التضعيف، تقول: (ضرب) - مخففاً، لمن وقع عليه ذلك مرة واحدة، ويحتمل الزيادة، والتقليل أقوى وأنسب. أما إذا قلنا (ضرّب) بتشديد الراء، فلا يقال إلا لمن كثر ذلك منه، فقوله تعالى: " نزّل عليك الكتاب " (آل عمران:3) مشير إلى تفصيل المنزل وتنجيمه بحسب الدعاوي، وأنه لم ينزّل دفعة واحدة.

أما (أنزل) فتدلّ - على الأقوى - على النزول دفعة واحدة. كما قال تعالى في التوراة: "وكتبنا له في الألواح من كل شيء، موعظة وتفصيلاً لكل شيء، فخذها بقوة " (الأعراف: 145). فإذا ورد أي من هذه الكتب وحده .. فيمكن أن يأتي بـ (أنزل) أو (نزّل) لأنهما يكونان بمعنى واحد عند عدم المقارنة، كقوله تعالى: " الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب " (الكهف: 1).

ولم يرد التضعيف (نزّل) مع التوراة إلا في قوله تعالى: " من قبل أن تُنزّل التوراة " (آل عمران: 93)، لأن المراد بالتوراة هنا أحكام التوراة، وأحكام التوراة باقية ...

فصيغة (نزّل) مضعّفة تأتي مع القرآن، وصيغة (أنزل) متعدّية بالألف تأتي مع الكتب الأخرى، ثم يكون تفريغ .. وحاصل الأمر أن (نزّل) فيها من التوكيد أكثر مما في (أنزل) .. وهذا كالأفعال (نجّى وأنجى، ونبّأ وأنبأ .. وهكذا) .. ولهذا كان ورود (نزّل) أصلاً مع القرآن، لأن القرآن تأكّد بالتنجيم أي تقوى عن طريق الحفظ بالصدور، إذ كان المسلمون يحفظون ما ينزل منه قبل أن ينزل نصّ آخر، فتتابع نزوله وحفظه على مدى ثلاث وعشرين سنة، وتأكّد دون سائر الكتب المنزلة بحفظ نصه من التغيير أو التحريف ..

والله تعالى أعلم

ـ[موراني]ــــــــ[21 Mar 2005, 01:25 ص]ـ

عفوا: قد ذكرت أعلاه:

فدلّت جملة " وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً

أقول:ليس هذا (بجملة) و بل هي آية.

لقد وقعت مرة في هذا الخطأ وقلت (هذه الجملة ..... وذكرت آية) , فقيل لي: لا تقل: جملة , بل قل: آية.

وأنا شخصيا أخذت بهذا الاقتراح. فلا أظنه الا وهو الصواب في رأيي.

بتحياتي

ـ[علي جاسم]ــــــــ[24 Mar 2005, 09:30 ص]ـ

أخي الفاضل .. هنالك تناسق بين لفضين إن أدركناه عرفنا - والله أعلم - لماذا قال تعالى القرآن ولم يقل الكتاب .. اللفضين هما (قومي) و (القرآن) إذ القرآن أنزل كمنهج سماوي للناس كافة عرب وعجم وغيرهم .. ولكن هنالك خصوصية بين القرآن والعرب الذين أرسل إليهم تجعل من هجرانهم للقرآن أشد عجبا من هجران غير العرب .. ذلك لأن القرآن معجز باللفظ والبلاغة وهذا ما امتازت به العرب دون غيرهم أي النبوغ والإبداع في البلاغة .. فهم بهذا أجدر أن لا يهجروا القرآن باعتبار إدراكهم لمافيه من البلاغة .. وبالتالي صار لفظ الكتاب يحمل معنى الدستور السماوي أو المنهج الإلهي بينما لفظ القرآن تعدى هذا المعنى لمعنى القراءة أي المقروء المسموع وهذا يحمل معنى التأمل والتفكر في لفظه بالإضافة لمنهجيته فقال النبي {القرآن} ولم يقل الكتاب وقال قبلها {قومي} ولم يقل الناس ... والله أعلم ..

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير