فهنا الله تعالى قال ? آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ? المراد بالرحمة هنا النبوة.
3 - قوله تعالى ? وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ? والعلم اللدني الذي يؤخذ من الله - سبحانه وتعالى – بلا اكتساب من الإنسان هذا لا يكون إلا للأنبياء، لا يكون أبداً لبشر - من غير أنبياء- أن يمسي جاهلاً، ويصبح عالماً لا يمكن أبداً.
كما قال الله تعالى لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم – ? وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ? [النساء:113] حيث علمك ما لم تكن تعلم.
4 - أيضا مما يستدل على نبوة الخضر، قوله عن الغلام الذي قلته ? وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً ? [الكهف:80].
فهذا الغلام لم يبلغ الحُلُمَ بعد قتله الخضرُ، من أين لهذا العبد الصالح أنه علم أن هذا الغلام لو كبر يكفر بالله ويخشى على والديه منه أن يكفرا؟ هذا غيب ولا يعلم الغيب إلا الله - عزّ وجلّ – ? قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ? [النمل:65].
لكن الله تعالى قال ? عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ? [الجن:26] ثم استثنى فقال ? إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ? [الجن:27].
فكون الخضر علم أن هذا الغلام لو كبر يكفر بالله - عزّ وجلّ – هذا من علم الغيب الذي أطلعه الله عليه والله لا يطلع على الغيب أوليائه، إنما يطلع على الغيب من ارتضى من رسول كما قال الله - سبحانه وتعالى.
5 - ثم إن الخضر – عليه السلام – صرح في نهاية القصة بقوله ? وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ? [الكهف: 82] إذا كان الأمر ممن؟ من الله - سبحانه وتعالى – لأنه لا يجوز عقلاً ولا شرعاً لأي بشر- مهما كان- أن يلقى غلاماً في الطريق فيقتله فإذا سُئلَ لما قتلته؟ يقول لقد علمت أنه لو كبر لكفر بالله - عزّ وجلّ – فأنا قتلته قبل أن يكفر هذا لا يجوز لأحد فعله إلا أن يكون رسولاً من الله يوحي الله - تبارك وتعالى – إليه.
فهذه أدلة تدل على أن الخضر كان نبياً من أنبياء الله ولم يكن مجرد ولي.
* هل ما زال الخضر حياً أم مات؟
الراجح أيضاً من أقوال العلماء أن الخضر – عليه السلام – قد مات وأنه مات قبل بعثة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – والدليل على أنه مات، قول الله لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم – ? وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ?34? كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ? [الانبياء:34 - 35].
فقوله ? وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ ? نكرة في سياق النفي والنكرة في سياق النفي، فتعم كل بشر كان قبل النبي – صلى الله عليه وسلم – والخضر بشر ممن كان قبل النبي –صلى الله عليه وسلم – والله لم يجعل الخلد لنبيه فمعنى ذلك أن الخضر مات، كما يموت البشر.
دليل ثاني: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – في يوم (اللهم إن تَهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلن تعبد في الأرض). فلو كان الخضر حياً لكان يعبد الله. والنبي - صلى الله عليه وسلم ثالثاً: من الأدلة التى يستدل على وفاة الخضر – عليه السلام – أن النبي –صلى الله عليه وسلم – صلى بأصحابه العشاء ذات ليلة متأخراً ثم قال لهم (أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة سنة لا يبقى ممن هوعلى ظهرها أحد).
رابعا: من الأدلة التي يستدل بها على وفاة الخضر أن الخضر كما دللنا كان نبياً، وقد أخذ الله تعالى من النبين ميثاقهم إذا جاءهم رسول من الله - عزّ وجلّ – أن يؤمنوا به ويتبعوه، فلو كان الخضر حياً إلى بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم – للزمه أن يأتيه، ويبايعه على الإسلام، ويتبعه عليه، ويقاتل معه أعداء الله، ولم يثبت أبداً أن الخضر أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – وبايعه على الإسلام واتبعه عليه فمعنى ذلك: أن الخضر كان قد مات قبل بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم –.
*? فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَه? [الكهف: من الآية77].
¥