تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قلت: جعفر هذا شيعي وجائز الاستماع إليه مع وجوب الحذر منه.

قال الشيعي: الحياء تغيّر وانكسار يعتري الانسان من تخوف ما يعاب به ويُذمّ، ... فعلى هذا فالحياء من مقولة الانفعال، فكيف يمكن نسبته إلى الله سبحانه مع أنه لا يجوز عليه التغير والخوف والذم؟

الجواب: ان إسناد الحياء كإسناد الغضب والرضا إلى الله سبحانه، فإنها جميعاً تسند إلى الله سبحانه متجردة عن آثار المادة، ويؤخذ بنتائجها، وقد اشتهر قولهم: (خذوا الغايات واتركوا المبادئ).

قلت: استشكاله وجوابه مخرجان على مذهب الشيعة في التعطيل.وقد اقترف الرجل الخطأ المعروف عند المعطلة في توجيههم لأسماء الله وصفاته وصورة الخطأ –المحتوي على أخطاء-على النحو التالي:

-فصل الفعل أو الصفة عن الفاعل المسند إليه ... هذا الخطأ أول مولد كل الأخطاء.

-إسناد ذلك الفعل المنتزع من سياقه أو الصفة إلى فاعل آخر (هو الانسان) هذا الثاني.

-الكر على الفعل أو الصفة بالتعطيل أو التحريف هذا الثالث تبعا للثاني.

هذا المسار ثابت عند جميعهم (شيعة ومعتزلة وأشعرية ...... )

تطبيقه عند الشيعي في تفسيره ل:" إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها":

عمد إلى جملة" يستحي" ففصل فعل استحيى عن الفاعل المسند إليه وهو الله تعالى. أطلقه وفهمه مطلقا فقال: الحياء تغيّر وانكسار. ثم خصصه ففهمه خاصا بالانسان فقال:" ... .. يعتري الانسان من تخوف ما يعاب به ويُذمّ، يقال: فلان يستحي أن يفعل كذا، ..... "

وكل هذا تحريف محض: فالله تعالى يفهمنا:"إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما ...... "وهم يفهمون:"إن الانسان لا يستحيي أن .... "

وبعد أن زور الشيعي المسند إليه ..... قفل راجعا ليزور المسند أيضا هروبا من حمأة التشبيه التي تلطخ فيها فقال:" فإنها جميعاً تسند إلى الله سبحانه متجردة عن آثار المادة، ويؤخذ بنتائجها، وقد اشتهر قولهم: (خذوا الغايات واتركوا المبادئ)." .... فالفعل عنده هو نتيجته وليس نفسه. ومعنىالسبب هو معنى الغاية (لا أدري ماذا يقول منطق المظفر في هذه النازلة) ....

ثم قال الشيعي: "فكيف يمكن نسبته إلى الله سبحانه مع أنه لا يجوز عليه التغير ...... "

ولعله نسي أن قومه يقولون بالبداء وهو من أقبح صور التغير ...... وليس كلامنا فيه الآن.

قال جعفر السحباني:" وهو مأخوذ من ضرب الدراهم، وهو حدوث أثر خاص فيها، كأن ضرب المثل يقرع به أذن السامع قرعاً ينفذ أثره في قلبه، ..... "

قلت:قوله مأخوذ من ضرب الدراهم قريب بل جيد ..... لكن تعليله لوجه الشبه ضعيف. فضرب المثل في القرآن يقترن عند التعدية باللام كما في هذه الآيات:

{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا} (32) سورة الكهف

{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ} (13) سورة يس

{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} (78) سورة يس

{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} (17) سورة الزخرف

{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ} (59) سورة الزخرف

فالملحوظ هو توجيه المثل" إلى" الانسان لا ترسيخه "في"ه. فضلا عن استحالة المعنى الذي فهمه المفسر الشيعي في آية يس 78 وآية الزخرف.تذكروا قوله: كأن ضرب المثل يقرع به أذن السامع قرعاً ينفذ أثره في قلبه، ..... " ..

لكن المعنى الراجح هو تشبيه المثل بالدرهم من حيث التعامل به لا من حيث ما ينتقش فيه. وهذا واضح في وظيفة المثل: يستفيد منه الإنسان ثم يأخذه غيره ليستفيد منه وهكذا يتداول وينتقل من جيل الى جيل تماما كالدرهم المضروب: يستفيد منه كل مع ثبات قيمته فيه.

قال جعفر السحباني: يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) بشأن خلقة هذا الحيوان الصغير: (إنما ضرب الله المثل بالبعوضة على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين)

قلت: علم ذلك عند ربي في كتاب.

قال الشيعي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير