تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حقًّا، إني لأفضل فيها نصيبًا منك". وكان هذا الاستهزاء يتكرر كلما نزل شىء من القرآن فى تعداد نِعَم الجنة، ومن ذلك ما ورد فى النص التالى لدى الواحدى: "كان المشركون يجتمعون حول النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون كلامه ولا ينتفعون به، بل يكذبون به ويستهزئون ويقولون: لئن دخل هؤلاء الجنة لَنَدْخُلَنَّها قبلهم، ولَيَكُونَنَّ لنا فيها أكثر مما لهم. فأنزل الله تعالى هذه الآية: "أَيَطْمَعُ كُلُّ اِمْرِئ مِّنهُم أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ* كَلاّ" ... ".

فإذا انتقلنا إلى العبادات الجاهلية وجدنا مثلا قوله تعالى: "إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ" (الأنفال/ 19)، أى أنهم كانوا يتجهون بالدعاء لله، وقد سلف القول إنهم كانوا يؤمنون بوجوده سبحانه، وإن عَزَّ على عقولهم المغلقة أن تفهم أن الله بطبيعته لا يمكن إلا أن يكون إلها واحدا، بل كانوا يشركون به آلهة أخرى مما سبق بيانه. ومعنى الاستفتاح هو الدعاء إلى الله أن يظهر لهم الحق من الباطل. وقد وردت أكثر من رواية فى ذلك فى تفسير الطبرى فقيل: "كان المشركون حين خرجوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة أخذوا بأستار الكعبة واستنصروا الله وقالوا: اللهمّ انصر أَعَزّ الجندين، وأكرم الفئتين، وخير القبيلتين. فقال الله: "إنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الفَتْحُ". يقول: نَصَرْتُ ما قلتم، وهو محمد صلى الله عليه وسلم وقيل: "استفتح أبو جهل فقال: اللهمّ، (يعني محمدا ونفسه) أيُّنا كان أَفْجَرَ لك اللهمّ وأَقْطَعَ للرَّحِم فأَحِنْهُ (أى أَهْلِكْه) اليوم. قال الله: إنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الفَتْحُ". كما نقرأ فى ذات السورة قوله سبحانه: "وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ* وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" (الأنفال/ 32 - 33)، وقد جاء فى تفسير الطبرى: "قال رجل من بني عبد الدار, يقال له: النضر بن كلدة: "اللّهُمّ إنْ كانَ هَذَا هُوَ الحَقّ مِنْ عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السّماءِ أوِ ائْتِنا بِعَذَابٍ ألِيمٍ". فقال الله: "وَقالُوا رَبّنا عَجّلْ لَنا قِطّنا قَبْلَ يَوْمِ الحِسابِ"، وقال: "وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فرَادَى كمَا خَلَقْناكُمْ أوّلَ مَرّةٍ"، وقال: "سأَلَ سائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ* للْكافِرِينَ ... ". قال عطاء: لقد نزل فيه بضع عشرة آية من كتاب الله". أما فى تفسير الآية الثانية فقد أورد فيها، ضمن ما أورد، فول من قال: وما كان الله ليعذّب هؤلاء المشركين من قريش بمكة وأنت فيهم يا محمد, حتى أُخْرِجك من بينهم، وَما كانَ اللّهُ مُعَذّبَهُمْ وهؤلاء المشركون يقولون: يا ربّ غفرانك وما أشبه ذلك من معاني الاستغفار بالقول ... وقوله: وَما لهُمْ ألاّ يُعَذّبَهُمُ اللّهُ؟ (أى) في الاَخرة". أى أنهم، رغم شركهم، كانوا يدعون الله بما يريدون على غباء فيهم وعناد وانغلاق ذهن وقلب! كما أنهم، رغم شركهم، كانوا يستغفرون الله كما جاء فى بعض الأقوال! ومن عباداتهم كذلك ما ورد فى قول رب العزة: "وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ " (الأنفال/ 35)، وتفسيره ما ورد عند شيخ المفسرين "كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفرون ويصفقون، فأنزل الله: "قُلْ مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ"، فأُمِروا بالثياب ... كانت قريش يعارضون النبيّ صلى الله عليه وسلم في الطواف يستهزئون به، يصفرون به ويصفقون ... كانوا ينفخون في أيديهم، والتصدية: التصفيق". كما أن فى القرآن آية تنهى عن السجود للشمس أو القمر، مما يدل على أن هناك من كانوا يسجدون لهما: "وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير