تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" (فُصِّلَتْ/ 37).

ولعل القارئ قد تنبه لما جاء فى كلام الطبرى من أن المشركين كانوا يطوفون بالبيت الحرام عراة، وإن كنت أتصور أن يكون بعضهم فقط هم الذين يفعلون ذلك لا كلهم. وفى تفسير قوله تعالى: "يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ* يَا بَنِي آَدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ* وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ* قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ* فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ* يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ* قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" (الأعراف/ 36 - 32) يقول الطبرى ما زُبْدَته: أنه، جلّ ثناؤه، يبين للجهلة من العرب الذين كانوا يتعَرَّوْن أن لِباس التّقوَى هو الحياء. وقد ابتدأ سبحانه الخبر عن إنزاله اللباس الذي يواري سَوْآتنا والرِّيَاش توبيخا للمشركين الذين كانوا يتجرّدون في حال طوافهم بالبيت، ويأمرهم بأخذ ثيابهم والاستتار بها في كلّ حال مع الإيمان به واتباع طاعته، إذ كانوا يطوفون بالبيت عُراةً متحججين بقولهم: "نطوف كما ولدتنا أمّهاتنا فتضع المرأة على قُبُلها النّسْعة أو الشيء فتقول:

اليَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أوْ كُلّه * * فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلا أُحِلّهُ

فعُذِلوا على ما أَتَوْا من قَبيح فعلهم وعُوتبوا عليه، فكان جوابهم: وجدنا على مثل ما نفعل آباءنا، فنحن نفعل مثل ما كانوا يفعلون، ونقتدي بَهْديهم ونستنّ بسُنّتهم، والله أمرنا به، فنحن نتبع أمره فيه. فيقول الله جلّ ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهم إن الله لا يأمر بالفحشاء، أى لا يأمر خلقه بقبائح الأفعال ومَساويها. أتقولون، أيها الناس، على الله ما لا تعلمون؟ أتَرْوُون على الله أنه أمركم بالتعرّي والتجرّد من الثياب واللباس للطواف، وأنتم لا تعلمون أنه أمركم بذلك؟ لقد كانوا يطوفون عراة: الرجال بالنهار، والنساء بالليل، فأمرهم الله بالزينة، والزينة: اللباس. وكانت العرب تطوف بالبيت عراةً إلا الحُمْس: قريش وأحلافهم.

وكانت قريش ومَنْ وَلَدَتْه قريش، وهم الذين كانوا يُسَمَّوْن في الجاهلية: "الحُمْس"، يقولون: لا نخرج من الحَرَم. فكانوا لا يشهدون موقف الناس بعَرَفة معهم، فأمرهم الله بالوقوف معهم والإفاضة من عَرَفات، وهي التي كان يُفِيض منها سائر الناس غير الحُمْس. وعن عائشة: كانت قريش ومن كان على دينها، وهم الحُمْس، يقفون بالمزدلفة ويقولون: نحن قَطِين الله. ثم جعلوا لمن ولدوا من العرب من ساكني الحِلّ مثل الذي لهم بولادتهم إياهم، فيَحِلّ لهم ما يحلّ لهم، ويَحْرُم عليهم ما يَحْرُم عليهم. وكانت كِنَانة وخُزَاعة قد دخلوا معهم في ذلك، ثم ابتدعوا في ذلك أمورا لم تكن، حتى قالوا: لا ينبغي للحُمْس أن يَأْقِطوا الأَقِط، ولا يَسْلأوا السَّمْن وهم حُرُم، ولا يدخلوا بيتا من شعر، ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الجلد طَوَال إحرامهم. ثم غالَوْا في ذلك فقالوا: لا ينبغي لأهل الحلّ أن يأكلوا من طعامٍ جاءوا به معهم من الحلّ في الحَرَم إذا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير