تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والإجراء على سَدَنتها ونحو ذلك". أو كانوا إذا ذبحوا ما جعلوه لله ذكروا عليه اسم أصنامهم، وإذا ذبحوا ما لأصنامهم لم يذكروا عليه اسم الله، وهذا معنى آخر للآية الكريمة.

وفى الآيتين 138 - 139 من نفس السورة نقرأ قوله عز شأنه: "وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ* وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ". و"الحِجْر" هو التضييق، والمقصود أنهم يَقْصِرونها على طرفٍ دون آخر. ذلك أنهم كانوا إذا عيَّنوا أشياء من حرثهم وأنعامهم لآلهتهم قالوا: " لا يطعمها إلا من نشاء"، يَعْنُون خَدَم الأوثان والرجال دون النساء، أما الأنعام التى حُرِّمَتْ ظُهُورهَا فهى البحائر والسوائب والَحَوامِي. ثم هناك الأنعام التى لا يُذْكَر اسم الله عليها في الذبح، وإنما يذكرون عليها أسماء الأصنام. وقيل: لا يحجّون عليها ولا يُلَبُّون على ظهورها. أى أنهم قسّموا أنعامهم فقالوا: هذه أنعامٌ حِجْرٌ، وهذه أنعامٌ محرَّمة الظهور، وهذه أنعامٌ لا ُيذَْكر عليها اسم الله. ليس ذلك فحسب، بل كانوا يقولون أيضا: "ما في بطون هذه الأنعام خالصةٌ لذكورنا ومحرَّمٌ على أزواجنا، وإن يكن مَيْتَةً فهم فيه شركاء"، أى أن ما وُلِد من أَجِنّة البحائر والسوائب حَيًّا فهو خالص للذكور لا تأكل منه الإناث، وما وُلِد منها ميتًا اشترك فيه الذكور الإناث. وفى ذات السياق أيضا ورد قوله سبحانه: "وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ" (النحل/ 56)، ومعناه أنهم كانوا يجعلون لآلهتهم التي لا علم لها (لأنها جماد، فهى لا تدرى أجعلوا لها نصيبا في أنعامهم وزروعهم أم لا) نصيبا مما رزقهم الله من الزروع والأنعام يتقربون بذلك إليها.

فإذا انتقلنا إلى البيئة العربية وجدنا تكرارا لذكر الجبال فى آيات كثيرة فى القرآن المجيد، وهذا أمر طبيعى، فالجزيرة العربية مملوءة بالجبال: "وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ" (هود/ 42)، "وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ" (إبراهيم/ 46)، "وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ" (النحل/ 68)، "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا" (النحل/ 81)، "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا" (طه/ 105)، "وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ" (فاطر/ 27)، "أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا* وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا" (النبأ/6 - 7)، "وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا* مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ" (النازعات/ 32 - 33). كما أشار القرآن، فى آية مشهورة، إلى ظاهرة أخرى من ظواهر البيئة العربية هى ظاهرة السراب: "وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا" (النور/ 39). وعلى ذكر السراب فإن الماء شحيح فى الجزيرة العربية، ومن هنا فكثيرا ما يمنّ الله على العرب بإنزاله من السماء ماء يُحْيِى الأرض بعد موتها: "الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة/ 22)، "وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا" (الأنعام/ 99)، "وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ" (الأنفال/

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير