تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ... أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما" [168]. وكثير من هذه الشواهد ينتمى إلى الوحى المكى. أى أن استعمال لفظ "الإسلام" مصطلحا على دين محمد يعود إلى بدايات دعوته عليه السلام فى مكة، فالقول إذن بأنه استعمال متأخر عن ذلك العصر هو قول يتجافى عن الحقيقة ويجافيها بكل يقين [169].

ولعل مما يجرى فى هذا المجرى أيضا قول كاتبنا، تعليقا على قوله تعالى: "مِنْ أهل الكتاب أمّة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون"، إن الإشارة هنا إلى هؤلاء المؤمنين الحقيقيين من أتباع الكتاب المقدس [170]. أقول: "لعل ... " لأن الكلام غير واضح تماما. أتراه يقصد أولئك الباقين على يهوديتهم أو نصرانيتهم كما هو ظاهر الكلام؟ أم تراه يقصد ذلك الفريق من أهل الكتاب الذى آمن بدين محمد حسبما يُفْهَم من الآية إذ ذكرتْ أنهم يتلون آيات الله"، أى القرآن [171]، وأنهم يسجدون، أى يصلّون صلاة الإسلام، كما وصفتهم الآية التى تليها بأنهم "يؤمنون بالله واليوم الآخر" مما يدل على أنهم لم يَبْقَوْا على ديانتهم السابقة بل انضوَوْا تحت راية الإسلام؟ ذلك أن القرآن لا يُثْبِت الإيمان بالله واليوم الآخر إلا لمن آمن بمحمد عليه السلام كما فى الآيات التالية: "إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرِّقوا بين الله ورسله، ويقولون: نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ، ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا" [172]، "والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به (أى القرآن)، وهم على صلاتهم يحافظون" [173]،"قاتِلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرِّمون ما حرَّم اللهُ ورسولُه ولا يَدِينون دينَ الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطُوا الجزية عن يد وهم صاغرون" [174]، "قال (أى موسى): ربِّ، لو شئتَ أهلكتَهم من قبلُ وإياى. أتُهلكنا بما فعل السفهاء منا؟ إن هى إلا فتنتك، تُضِلّ بها من تشاء، وتَهدى من تشاء. أنت وليُّنا، فاغفر لنا وارحمنا، وأنت خير الغافرين* واكتب لنا فى هذه الدنيا حسنة وفى الآخرة، إنا هُدْنا إليك. قال (أى الله): عذابى أُصِيبُ به من أشاء، ورحمتى وسِعَتْ كلَّ شىء، فسأكتبها للذين يتَّقون ويُؤْتُون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون* الذين يتَّبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويُحِلّ لهم الطيبات ويحرِّم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم، فالذين آمنوا به وعزَّروه ونصروه واتَّبَعوا النور الذى أُنْزِلَ معه أولئك هم المفلحون" [175]، وغير ذلك من الآيات.

هذا، ولا بد من التنبيه إلى أن القرآن قد يستخدم لمعاصرى الرسول من أهل الكتاب ممن دخلوا دينه وَصْفَ "أهل الكتاب" أو "الذين آتيناهم الكتاب" أو "الذين أُوتوا العِلْم من قبله" أو ما إلى ذلك، فينبغى ألا يسبق إلى الأوهام أنه حين يُثْنِى عليهم إنما يفعل ذلك رغم بقائهم على ديانتهم السابقة، فإن هذا لا يمكن أن يكون. وإن بقية الكلام فى مثل هذه المواضع لتدل على أن المقصود هم الذين أسلموا منهم. وهأنذا أسوق، إلى جانب آيتَىْ "آل عمران" السابقتين، الآيات التالية كيفما اتفق: "الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به (أى بالقرآن) يؤمنون* وإذا يُتْلَى عليهم قالوا: آمنا به. إنه الحق من ربنا. إنا كنا من قبله مسلمين* أولئك يُؤْتَوْن أجرهم مرتين بما صبروا ويدرأون بالحسنة السيئةَ ومما رزقناهم ينفقون" [176]، "الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به (أى بالقرآن)، ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون" [177]، "وإنَّ من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أُنْزِل إليكم وما أُنْزِل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا. أولئك لهم أجرهم عند ربهم. إن الله سريع الحساب" [178]، "والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أُنْزِل إليك" [179]، "وكذلك أنزلنا إليك الكتاب، فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به (أى بالقرآن) " [180]، "إن الذين أُوتُوا العِلْم من قبله إذا يُتْلَى عليهم (أى القرآن) يَِخِرّون للأذقان سُجَّدا ويقولون: سبحان ربنا! إنْ كان وعد ربنا لمفعولا* ويَِخِرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا" [181]. وهذه مسألة على أكبر قدر من الأهمية لأن بعض الدارسين يظن أن أهل الكتاب فى مثل هذه الآيات هم أهل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير