فيجب النظر في النصوص القرآنية بمنهج الكلية في البحث القرآني والتوفيق بينها جميعا وليس النظر إلى كل على حدة مما يوهم بوجود تعارض بينها ..
منهج النظر في القرآن الكريم كلاً متكاملاً هو المنهج السليم بالطبع لا تجزئته، وهذا بالنسبة لأي بحث يتعلق بالقرآن سواء أكان بحثاً عن تفسير آية أو بحثاً عن الناسخ والمنسوخ، فالتجزئة تؤدي إلى فساد الفهم، ونتائجها خطيرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظتي في ما كتب أعلاه:
فكأني أقرأ نصا صوفيا!!
أوأني لم أستسغ كنه ما كتب وهذا من قصور فهمي .. !!؟
لم أرَ ما هو مستغرب في كلام الشيخ الزرقاني، بل هو في غاية الجمال والحُسن، وهو متفق مع الأصول العقدية لأهل السنة، فالحسن ما حسّنه الشرع، والقبيح ما قبّحه الشرع، فالحكم المنسوخ حسن في زمن معين بسبب طلب الله تعالى من المكلفين فعله في ذلك الزمن، وأصبح امتثال ما اشتملت عليه الآية المنسوخة قبيحاً بعد النسخ لأنه رُفع العمل به من الله.
قلتَ: "لا تقربوا الزنى" هي "لا تقربوا الزنى" في كل زمان وفي كل مكان.
أقول: هذا صحيح، فالزنى فعل مستقبح في كل الأزمان والأحوال لأن الشرع قبّحه في كل الأزمان والأحوال.
لا يُفهم من كلام الشيخ الزرقاني، أن الحُسْن والقُبح أمران يتناوبان على جميع الأحكام الشرعية، بل يأتي أحدهما مكان الآخر في الأحكام التي قيل بنسخها فقط، أما تلك التي لم تتعرض للنسخ فهي تلزم حالة واحدة، فتحريم الزنى لم يتعرض للنسخ، فيلزمه حالة القبح الدائم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
وهل يفهم أيضا أن الآيات المنسوخة خاضعة لقوانين الزمان والمكان،أي حادثة، بمعنى أنها
حملت أحكاما وتتشريعات مؤقتة لمرحلة معينة للجيل الأول الذي عاصر نزول القرآن الكريم
ثم أتت بعد ذلك الآيات الناسخة لتبدأ مرحلة جديدة بالنسبة لهذه الأحكام والتشريعات ... ؟!
أجاب العلامة الألوسي على هذا فقال عند تفسيره لقوله تعالى: "ما ننسخ من آية": "واحتجت المعتزلة بالآية على حدوث القرآن، فإن التغيّر المستفاد من النسخ، والتفاوت المستفاد من الخيرية في وقت دون آخر من روادف الحدث وتوابعه، فلا يتحقق بدونه، وأجيب بأن التغير والتفاوت من عوارض ما يتعلق به الكلام النفسي القديم، وهي الأفعال في الأمر والنهي، والنسب الخبرية في الخبر، وذلك يستدعيهما في تعلقاته دون ذاته".
ــــــــــــــــــــــــــــ
وأما أن " النسخ يتعلق بفروع العبادات والمعاملات "
فأحبذ هنا حتى يستقيم الفهم عندي وتتضح الرؤيا فلابد من ذكر آيات قرآنية في هذا الباب .. وذكر الآيات التي "نسخت"
مثلاً قوله تعالى: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة:275]، هذا من أصول المعاملات التي لا يقع النسخ فيها.
الآيات التي وقع فيها النسخ:
1. "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إنْ ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين" [البقرة:180] منسوخة بقوله تعالى: "يوصيكم الله في أولادكم" [النساء:11].
2. "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" [البقرة:184]، منسوخة بقوله: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" [البقرة:185].
3. "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج" [البقرة:240]، منسوخة بقوله: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً" [البقرة:234].
4. "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا" [الأنفال:65]، منسوخة بقوله تعالى: "فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين" [الأنفال:66].
5. "لا يحل لك النساء من بعد" [الأحزاب:52]، منسوخة بقوله: "يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك" [الأحزاب:80].
6. "يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة" [المجادلة10]، نسختها الآية التي بعدها.
7. "يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً" [المزمل:1]، منسوخة بقوله: "إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه .. " [المزمل:20].
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[25 Jan 2006, 10:37 ص]ـ
اعتراضك في محله
هل هذا التقسيم الثلاثي للآيات المنسوخة مسلَّم به عند العلماء؟
¥