ورغم اني لم اجد الى الان جوابا شافيا, الا اني خشيت من ان اكون مكرّرا, واتهمت فهمي فيما كنت اقول .. وعلى اي فاني لا امانع من مناقشة الايات الناسخة والمنسوخة .. لكني أرجو من المشاركين الاختصار, او تنقيط (كتابة نقاط مختصرة) افكارهم في نهاية اقوالهم حتى لا يتشتّت الذهن .. وأشكر الجميع على سعة صدورهم .. ولتسمح اختي الباحثة باضافة سؤال على اسئلتها التي توجهت بها لاهل الاختصاص: هل الايات الناسخة والمنسوخة توقيفية؟ وأسأل الله الهداية ..
ـ[روضة]ــــــــ[28 Jan 2006, 02:30 ص]ـ
كنت قد قررت أن لا أبحث فيما سبق من تساؤلات، ولكني كنت أقرأ اليوم بمقدمة تفسير (صفوة العرفان)، للشيخ محمد فريد وجدي، فعثرت على كلام له يتعلق بسؤال كان قد طرحه الإخوة من قبل، وهو تغير الأحكام الناتج عن النسخ، أسأل الله أن تتم به الفائدة.
(ملاحظة: أرجو أن لا يُفهم من نقلي لهذا النص اتهامي لأحد بأنه يتبنى هذه الشبهة التي سيتكلم عنها الشيخ، أو أنه يوصف بما سيصف به الشيخ القائلين بها).
بعد أن عرّف النسخ بأنه إبطال حكم الآية الأولى بالثانية، قال:
"وقد اتخذ أعداء القرآن هذا النسخ من المطاعن عليه، واستدلوا به على أنه كلام محمد لا كلام الله، قالوا: لو كان هذا القرآن كلام الله لكان ثابتاً لا تتغير أحكامه بتغير الأحوال، ونحن لردّ هذه الشبهة نقول:
أنزل الله الدين على الأمة العربية لتأخذ بآدابه نفوسَها وتروض بتعاليمه أفئدتَها، فتتقمص روحه وتستشعرها، فهو دين عملي حيوي، وليس في العالم فلسفة ولا مذهب يلين للإنسان في جميع أدواره، ويتنزل معه إلى سائر أطواره إلا هذا الدين.
وهذه أمامك الأديان القديمة المحرفة في جميع قارات العالم قد هجرها الناس، ووجدوا لأنفسهم عذراً مقبولاً في هجرها، وهذه المذاهب الإصلاحية في أوروبا كالاشتراك والفوضى وغيرهما، كلها متطرفة لا يمكن العمل بها إلا الإسلام، فلا يستطيع أحد أن يعتذر بعدم إمكان العمل به بحجة مناقضة أصوله لمبدأ الحياة أو لأحوال الزمان.
هذا الدين الإسلامي يراعي الإنسان في حالة ضعفه وقوته، وجهله وعلمه، وحربه وسلمه، وغناه وفقره، وكماله ونقصه، إلى آخر ما ينتابه من الأحوال البشرية المتناقضة التي تتغير بتغير الأزمنة والأمكنة والأمزجة، فهو الدين الطبيعي الذي تقتضيه الطبيعة البشرية، أو هو ـ بلسان الشرع ـ الدين الفطري الذي ينطبق على مطلوب الفطرة، ولما كان كل شيء يتغير في الإنسان وتنتابه الزيادة والنقصان جعل الله دينه الأخير صالحاً لأن يتتبع الإنسان في جميع أدواره لا أهوائه. ولو كان هو ديناً من ضمن الأديان المعروفة وكان في علم الخالق أن نبياً يظهر بعد محمد صلى الله عليه وسلم، لجاءت أصول القرآن مقيدة محدودة، ولزالت دولته بزوال رسوله، واستعد الناس لاستقبال وحي جديد.
ولكن شرع الله هذا الدين ليكون دين الإنسانية كلها في سائر أدوارها، فكيف يقرر الله فيه أصولاً مقيدة محدودة، وقد عرفتَ أن الإنسان لا يتقيد بقيد، ولا يدخل ضمن حد، وهو من تغير الحال وتلون المزاج على ما لا يجهله أبسط الناس علماً؟
مراعاة لهذه الحالة الطبيعية اقتضت حكمة الخالق جل وعز أن يراعي في تربية الأمة العربية حالها من جميع الوجوه، فقرر لها أولاً أحكاماً على قدر حاجتها، ثم نسخها بأحكام أخرى أليق بحالها الذي تحولت إليه وهو خالق تلك الأحوال ومسلطها على الإنسان.
على أن النسخ سنة من سنن العالم الطبيعي ظاهرة في الجمادات والنباتات والحيوانات والإنسان نفسه، فترى النواميس الطبيعية تقتضي أن يكون الهواء مثلاً ساكناً في هذه الساعة ثم يحدث ما يغيرها، فتنسخ هذه الحالة برياح تحدثها، وأمطار ترسلها، وصواعق تسقطها .. إلخ.
وهذه الحوادث من النسخ في العوالم الحية أظهر منها في عالم الجماد، ومما لا مشاحة فيه، ان الإنسان أشد جميع الكائنات تغيراً وتحولاً، ولكل حال حكم كما لا يخفى، أفلا تكون من حكمة الخالق جل شأنه أن يعدل له الأحكام على حسب قابليته في كل حال من احواله؟
هذا التبديل والنسخ يصح في جهة ما يتعلق به من أحواله الذاتية المتغيرة، أما الدين نفسه، فهو ثابت لا يتغير، ولا عذر للإنسان في استبدال غيره به، فإنه أبسط ما يتصور." أ. هـ.
أتمنى أن يكون في هذا إجابة ولو من وجه على ما تقدم من تساؤلات.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[28 Jan 2006, 12:27 م]ـ
هل الاعتقاد بالنسخ مما يجب أن يُعلم من الدين بالضرورة؟
هل هو من أصول الدين أم من فروعه؟
هل يترتب على إنكار النسخ قدح في دين المنكِر له؟
وأرجو ممن يريد الإجابة أن يدعّم رأيه بالأدلة، مع العلم أني مقتنعة به تماماً، ولكنه سؤال خطر لي.
انما يقال الاصل لما يجمع الفروع ويرجع اليه عند الخلاف. فلا اقصد انه معلوم من الدين بالضرورة. اذ لو كان من المعلوم بالدين بالضرورة لقدح في اسلام منكره.
ولكن عند الكلام عن النسخ فلا يمكن فهم النسخ الا بمعرفة معنى النسخ وحكمه ثم يقال يطبق. لان التطبيق سيكون على امر مخصوص وهو النسخ.
نفي النسخ كليا لا يقول به مسلم وانما ينفى النسخ الاصطلاحي لان من ينفي النسخ الاصطلاحي انما يعتبر ان معنى النسخ هنا ليس ما قصد بالاصطلاح.
فمرد النسخ باللغة. الى بابين:
الاول هو النقل كما هو. ومنه نسخ الكتب من اصلها.
فعلى هذا المعنى القران كله منسوخ من اللوح المحفوظ , فعلم ان المعنى هنا غير مراد.
والنسخ له معنى الازلة. ويخص هنا بالحكم بالاية وهو الذي اجمع عليه السلف فلا ينقل عنهم خلاف فيه. وانما انكره كليا بعض من اثرت فيه شبه الملاحدة واهل الكتاب.
واساس شبههم هو في اصل النسخ لا في تفسير وفهم الايات: لانهم لم يخلوا كلامهم من ربط النسخ بالبداء , ولا يقول احد من السلف بالبداء , وانما قالت به الرافضة , ونفى بعض المسلمين النسخ بربطهم اياه بالبداء.
الذي ارجوه من طارح الموضوع ان يضع لنا بوضوح ما يريد. فان كان يرى ان لا جواز للنسخ. فيضع علة ذلك , وليبين معنى النسخ الوارد في القران , وبعد ذلك يحصل على ما يريد من اجابة باذن الله تعالى.
لان نفاة النسخ على ضروب مختلفة , واستغرب لماذا لا تضع المشكلة التي واجهتها بوضوح؟
¥