فكون خبر الاحاد ظني الثبوت لا يعني هذا ان خبر الاحاد دائما ظني, لان بعض القرائن تكون ملازمة لخبر الاحاد تجعله معلوما من الدين بالضرورة , او بمعنى أخر موجبا للعلم القطعي.
على كل حال لا أحب تفريع المسألة كثيرا سأحاول ان ابين ذلك من خلال الرد على مداخلتك قبل الاخيرة فانت قلت بارك الله فيك:
أقول: القرآن الكريم هو مجموعة سور وآيات انزلها الله على رسوله الكريم
فان قال قائل: بم يثبت القرآن؟
قلنا: يثبت بالنقل المتواتر اللفظي عن الرسول الكريم ..
فان قيل: فان قال الله بأن هذه الاية او تلك قد رفع حكمها
قلنا: يلزم ان يكون ذلك بنقل متواتر لفظي صريح عن الرسول الكريم
أخي الكريم بزمن النبي عليه الصلاة والسلام تم النسخ فلا يكون داعيا لبحث التواتر
لانها كلها ستكون خبر آحاد مردها الى النبي صلى الله عليه وسلم , وانت تعرف ان شرط التواتر هو الى النبي صلى الله عليه وسلم , فبذلك يكون الصحابة واجبا عليهم التسليم بالنسخ بمجرد عمل النبي صلى الله عليه وسلم وكلامه عن ذلك , وهنا يكون البحث هل ينسخ حكم بحكم او لا ولا يلتفت الى شكل المنسوخ كان متعبدا بتلاوته (القران) او متعبدا بالعمل به (كلام النبي صلى الله عليه وسلم) ,لان حجيتهما بنفس الدرجة , والخبر من نفس النبي ,وهذا اساس المسألة.
اما ما اشتهر لاحقا من الخلاف في:هل ينسخ خبر الواحد خبر الاحاد؟ ففيه خطأ لان النسخ لا يجوز ان يكون بعد زمن الوحي على النبي , فكون الخبر منسوخ بأخر هذا حكمه ولكن وصول الخبر النسخ هو ما اصبح منه متواترا وآحاد , بمعرفتك بطرق الحديث وهنا لب المسألة.
فتواتر الخبر انما هو حالة لمتتبع الخبر دون غيره. لانك اذا جمعت الاخبار المتواترة ببحث عندك وضمنته كتاب لم يفد التواتر الذي جمعته غيرك وغير من يعرف الطرق حقيقة لان جميع ما جمعته هو خبر آحاد لانه طريق واحد لكل الطرق التي جمعتها.
وهذا الامر معروف فلو جمع أحد الرواة الف طريق لحديث متواتر ثم روي عن هذا الراوي لاصبح الخبر لمن سمعه عنه ان لم يسمعه من غيره حديث آحاد, لان التواتر في الاخبار قد يسقط مع الفترة فيصبح المتواتر أحاد.
وهذا الامر ما جعل العلماء يفرقوا بين انواع الاحاد.
فحديث الاحاد الذي تلقته الامة بالقبول والعمل هو قطعي ويفيد العلم ولا يلتفت الى المخالف الذي يخالف هذا الاجماع (اجماع العمل على الشيء).
قلنا: يلزم ان يكون ذلك بنقل متواتر لفظي صريح عن الرسول الكريم
فان قيل: فان ثبت الرفع بخبر الواحد
قلنا: خبر الواحد لا يرفع ما جاء متواترا
لاحظ أخي انك ترجع الحكم النسخ الى فترة متأخرة عن الفترة التي حصل فيها النسخ.
فحدوث النسخ انما حدث في زمن البعثة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. والاخبار عن النسخ هي أخبار عن حدث النسخ ويكون دليله عمل الصحابة والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين رضي الله عنهم اجمعين. لان الاخبار هي عن امر حدث الا وهو النسخ.
فان قيل: هناك لفظ صريح جاء في القرآن يقول بأن هذه الاية نسخت تلك؟
قلنا: ذلك غير موجود في القرآن الكريم
فان قيل: فماذا تقول في قوله تعالى: {الان خفف الله عنكم}؟
قلنا: التخفيف ليس تصريحا في النسخ ولم يحمله كل المفسرون هذا المحمل
اما وجود نسخ للايات فهذا يعرف من أيات أخرى مع هذه ولا يختص بهذه اما قول المسرين المتأخرين فلا يلتفت اليه وقد نقلت لك عن القرطبي كلامه عن هذا الامر.
ولكن لا أحب ان أخوض في تأويل الايات المعروفة التي تدل على النسخ ولكن اريد ان اركز معك على ما سألت وأجبت عليه.
فالقول بالتخفيف هو اعتراف بالنسخ.
فكون المسلم لم يكن جائزا له بالفرار ان كان عدوه يكثر عليه بعشر اضعاف ثم خفف الحكم فهذا يعني ان الاولى لم يعد لها حكم الاثم ان تراجع المسلم امام عدوه وهو يفوقه أكثر من الضعف ولو كان اقل من العشرة أمثال.
اذا فمن فسر بالتخفيف انما غير الالفاظ بمرادفات الالفاظ وان حققت كلامه فلا يخرج عن معنى النسخ.
لذلك مشكلة من يرفض النسخ هي بسبب شبهة عنده. لانه لم يجز اصلا حتى نسخ القران بالقران والايات كلها متواترة , فكيف يحتج بالنسبة للحديث بانه أحاد , ويرفض هنا النسخ حتى لو كان بالمتواتر.مع ما بينته سابقا من ان النسخ يحدث وقت البعثة. وانما الاخبار دليل على ما حدث.
¥