تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"والقول بأن الوصية لم تفرض على من ـ حضره الموت ـ فقط بل عليه بأن يوصي، وعلى الغير بأن يحفظ ولا يبدل، ولهذا قال: {عَلَيْكُمْ} وقال: {أَحَدَكُمُ} لأن الموت يحضر أحد المخاطبين بالافتراض عليهم ـ ليس بشيء؛ لأن حفظ الوصية إنما يفرض على البعض بعد الوصية لا وقت الاحتضار، فكيف يصح أن يقال: فرض عليكم حفظ الوصية إذا حضر أحدكم الموت، ولأن إرادة الإيصاء وحفظه من الوصية تعسف لا يخفى". [الألوسي]

واحتج بأن الله تعالى لم يبين المقدار الواجب في هذه الوصية فهي إذن ـ كما يرى ـ غير خاصة بالإرث.

ويُرَدُّ عليه بأن الله تعالى قد يُجمِل بعض الأمور التي تكون معروفة للمخاطبين من قبل، فقوله تعالى: (بالمعروف) يدل على أنه تعالى ردّ المقدار إلى ما تعارفوا عليه، وقال الإمام القرطبي: " قوله تعالى: {بِ?لْمَعْرُوفِ} يعني بالعدل، لا وَكْس فيه ولا شَطَط؛ وكان هذا موكولاً إلى ?جتهاد الميت ونظر الموصي، ثم تولّى الله سبحانه تقير ذلك على لسان نبيّه عليه السلام، فقال عليه السلام: " الثلث والثلث كثير ".

واحتجَّ كذلك بأن الوصية لو كانت منسوخة بالنسبة لمن يرث لوجب استثناء من يرث من الوصية الواردة في باقي الآيات الكريمة التي تصور لنا الأخذ بوصية الميت قبل توزيع الإرث على الورثة، وهذا الاستثناء لا نراه في كتاب الله تعالى: "فلأمه السدس من بعد وصية يوصى بها أو دين" ... إلخ.

أقول: لا يُشترط أن يُذكر الاستثناء بنفس الدليل (هذه قاعدة عامة)، فالاستثناء هنا جاء بدليل آخر، وهو حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث"، على قول من يرى نسخ هذه الآية.

لذلك يجب أخذ الأدلة من آيات وأحاديث جملة واحدة متكاملة، وحمل بعضها على بعض، دون تجزئة.

وحتى يُثبت أن الوصية ندب وليست واجبة فسّر قوله تعالى: "حقاً على المتقين"، أنها مختصة بالمتقين.

"ويجاب عن ذلك أن الله سبحانه وتعالى: (وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين)، فهل يسقط حق المتعة عن غير المتقي، ويحصر وجوبه في المتقين وحدهم فحسب؟! أو ان قوله تعالى (على المتقين) يدل على تأكيد هذا الحكم، إذ كل واحد يجب عليه أن يكون من المتقين" [منقول].

ومما جعله يذهب إلى أن الخطاب في آية الوصية لمن حول الميت لا لمن يحضره الموت، أن (الوصية) مؤنثة، و (كتب) مذكر، وكان المتوقع أن يقال: كتبت الوصية، وبأن الضمائر في الآية التالية لآية الوصية مذكّرة (فمن بدله/ سمعه/إثمه)، ورفض أن يكون السبب في مخالفة الفعل لنائبه ـ بالنسبة لمسألة التذكير والتأنيث ـ هو الفصلَ بين الفعل ونائبه، وهذا السبب ذكره العلماء معتمدين فيه على قاعدة معروفة بعلم النحو، ورَفْضُه لهذه القاعدة مبني على توهم، (وهو أن الخطاب لمن حول الميت).

أما مجيء الأفعال مقترنة بضمائر مذكرة في الآية التالية لآية الوصية، فقد علل هذا المفسرون بتقدير الإيصاء، وبأن تأنيث الوصية غير حقيقي، لأن ذلك لايراعى في الضمائر المتأخرة عن المؤنث المجازي، بل يستوي المؤنث الحقيقي والمجازي فيذلك.

مع أن أبا مسلم الأصفهاني وصاحب المنار نفوا النسخ عن آية الوصية إلا أنهم لم يخرجوا الآية عن ظاهرها ولم يتعسفوا بجعل الفعل يتعلق بمن حول الميت، ولم أرَ شيئاً من الحجج التي اعتمد عليها المهندس عدنان مبنياً على قاعدة لغوية، أو على شيء يُعتدّ به.

والله تعالى أعلم.

ـ[روضة]ــــــــ[16 Feb 2006, 09:47 م]ـ

المرحلة الثالثة

ردّ كل فريق على الآخر

تضمنت المرحلتان السابقتان اللتان تم فيهما ذكر أدلة كلٍّ من المثبتين للنسخ في آية الوصية والنافين له بعضَ الردود، وسأزيد هنا ردوداً أخرى.

احتج النافون على المثبتين الذين قالوا إن قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا وصية لوارث" نسخ الآية، فقالوا:

* آية الوصية لا تعارض آية المواريث ولا هذا الحديث.

* الحديث من الآحاد، وتلقي الأمة له بالقبول لا يلحقه بالمتواتر، أي والظني من الحديث لا ينسخ القطعي منه، فكيف ينسخ القرآن، وكله قطعي؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير