تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الحديث لم يصل إلى درجة ثقة الشيخين به، فلم يروه أحد منهما مسنداً، ورواية أصحاب السنن محصورة في عمرو بن خارجة وأبي أمامة وابن عباس، وفي إسناد الثاني إسماعيل بن عياش تكلموا فيه، وإنما حسّنه الترمذي؛ لأن إسماعيل يرويه عن الشاميين، وقد قوى بعض الأئمة روايته عنهم خاصة، وحديث ابن عباس معلول؛ إذ هو من رواية عطاء بن أبي رباح، فإن أبا داود أخرجه في مراسيله عنه، وما أخرجه البخاري من طريق عطاء بن أبي رباح موقوف على ابن عباس، وما روي غير ذلك فلا نزاع في ضعفه، فعُلم أنه ليس لنا رواية في الحديث صححت إلا رواية عمرو بن خارجة، والذي صححها هو الترمذي، وهو من المتساهلين في التصحيح، وقد علمت أن البخاري ومسلم، لم يرضياها، فهل يقال إن حديثاً كهذا تلقته الأمة بالقبول؟

جواب المثبتين:

* كلام الحافظ ابن حجر، (وقد مرّ من قبل): (باب لاوصية لوارث) هذه الترجمة لفظ حديث مرفوع كأنه لم يثبت على شرط البخاريفترجم به كعادته واستغنى بما يعطى حكمه. وقد أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما منحديث أبي أمامة " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته في حجة الوداع: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " وفي إسناده إسماعيل بن عياش , وقدقوى حديثه عن الشاميين جماعة من الأئمة منهم أحمد والبخاري , وهذا من روايته عنشرحبيل بن مسلم وهو شامي ثقة , وصرح في روايته بالتحديث عند الترمذي وقال الترمذي: حديث حسن. وفي الباب عن عمرو بن خارجة عند الترمذي والنسائي , وعن أنس عند ابنماجه , وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند الدارقطني وعن جابر عند الدارقطني أيضاوقال: الصواب إرساله , وعن علي عند ابن أبي شيبة, ولا يخلو إسناد كل منها عن مقال , لكن مجموعها يقتضي أن للحديث أصلا , بلجنح الشافعي في " الأم " إلى أن هذا المتن متواتر فقال: وجدنا أهل الفتيا ومنحفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون في أن النبي صلى اللهعليه وسلم قال عام الفتح " لا وصية لوارث " ويؤثرون عمن حفظوه عنه ممن لقوه من أهلالعلم , فكان نقل كافة عن كافة , فهو أقوى من نقل واحد.

* كان هذا الحكمُ في بدء الإسلام ثم نسخ عند نزول آيةِ المواريثِ، بقوله عليه السلام: " إنّ الله قد أعطى كلَّ ذي حق حقَّه ألا لا وصيةَ لوارثٍ " فإنه وإن كان من أخبار الآحادِ لكن حيثُ تلقته الأمةُ بالقَبول انتظم في سلك المتواتِر في صلاحيته للنسخ، على أن التحقيقَ أن الناسخَ حقيقةً هي آيةُ المواريث، وإنما الحديثُ مُبيّنٌ لجهة نسخِها ببيانِ أنه تعالى كان قد كتب عليكم أن تؤدوا إلى الوالدين والأقربين حقوقَهم بحسب استحقاقهم من غير تبيين لمراتب استحقاقِهم ولا تعيين لمقادير أنصبائِهم، بل فوض ذلك إلى آرائكم، حيث قال: {بِ?لْمَعْرُوفِ} أي بالعدْل، فالآن قد رَفَعَ ذلك الحُكمَ عنكم لتبيين طبقاتِ استحقاقِ كلِّ واحدٍ منهم وتعيينِ مقاديرِ حقوقِهم بالذات وأعطى كلَّ ذي حق منهم حقه الذي يستحقه بحكم القرابة من غير نقصٍ ولا زيادة ولم يدَعْ ثمةَ شيئاً فيه مدخلٌ لرأيكم أصلاً حسبما تُعرِب عنه الجملةُ المنفيَّةُ بلا النافية للجنس وتصديرُها بكلمة التنبيه، إذا تحققتَ هذا ظهر لك أن ما قيل مِنْ أن آيةَ المواريثِ لا تعارضُه بل تحقِّقه وتؤكّدُه من حيث إنها تدلُ على تقديمِ الوصيةِ مطلقاً والحديثُ من الآحاد، وتلقّي الأمةِ إياه بالقَبول لا يُلحِقُه بالمتواتر، ولعله احترَز عنه مَنْ فسَّر الوصيةَ بما أوصى به الله عز وجل من توريثِ الوالدَيْن والأقرَبين بقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ ?للَّهُ} [النساء، الآية 11] أو بإيصاءِ المُحتَضَرِ لهم بتوفير ما أوصى? به الله تعالى عليهم - بمعزلٍ من التحقيق.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير