تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[روضة]ــــــــ[10 Mar 2006, 12:23 م]ـ

أخي الكريم سيف الدين،

قرأت تعليقاتك، وسأجيب عليها، ولكني أستميحك عذراً بتأخير الإجابة أسبوعين على الأقل، لانشغالي بكثير من الأمور، فأنا أمرّ هذه الأيام على الملتقى مروراً سريعاً، ولا أتمكن من المشاركة في أي موضوع.

ـ[روضة]ــــــــ[15 Mar 2006, 10:13 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم سيف الدين،

أعتذر على التأخير ..

أود الإشارة بداية إلى أن ما نقلتُه فيما سبق تجميع لأقوال العلماء في الرأيين (إثبات النسخ، ونفيه)، فقط، لذلك قد نجد في عرض الرأي الواحد أقوالاً مختلفة قد يكون فيها نوعُ تعارض، فكل عالم يحتج بطريقة مختلفة عن الآخر، وإن كانوا يصلون إلى النتيجة نفسها.

أما إثبات النسخ بالنقل أو بالاجتهاد، فقد انتهينا منه كما تفضلتَ، وذكرتُ حينها أن دائرة الاجتهاد في هذا الأمر محدودة. انظر الرابط:

سؤال حول الناسخ والمنسوخ (نرجو المشاركة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4570)

*****************

* الآية تشعر بتفويض تعيين المقدار الموصى به إلى ما يراه الموصي، وأمره بالعدلبقوله: {بالمعروف}، فتقرر حكم الإيصاء في صدر الإسلام لغير الأبناء من القرابةزيادة على ما يأخذه الأبناء"انتهى الاقتباس.

(واقول معقبا على ما تحته خط من الاقتباس: اين هذا الاشعار في الاية؟ فالاية تقول: "الوصيةللوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين" فقد ذكرت الاية الوالدين والاقربين .. وليس هناك من اشارة الى غير الابناء من القرابة الا اذا اردنا ان نتعسف فيتحميلنا للنص ما لا يحتمل .. او على الاقل يمكن القول انه لا يوجد حجة في هذاالشعور الا اذا استأنس المفسّر هنا بحديث الرسول .. فالدليل يجب ان يكون حجة وليس شعورا)

أقول أخي الكريم: هذا الكلام مأخوذ من تفسير التحرير والتنوير، والإشعار الذي تحدث عنه ابن عاشور رحمه الله ليس فيما يتعلق بالإيصاء لغير الأبناء من القرابة، وإنما الإشعار يتعلق بتفويض تعيين المقدار الموصى به إلى ما يراه الموصي من خلال قوله تعالى: (بالمعروف)، أما كلامه الذي تلا ذلك، يعني بعد قوله: (فتقرر حكم .... ) فليس تابعاً لما أشعَرَتْ به الآية الكريمة، وإنما هو تأكيد لما قاله حين بدأ بتفسير هذه الآية، حيث قال:

(كانت عادة العرب في الجاهلية أن الميت إذا كان له ولد أو أولاد ذكور استأثروا بماله كله، وإن لم يكن له ولد ذكَر استأثَر بماله أقربُ الذكور له من أب أو عم أو ابن عم الأدنَيْنَ فالأَدْنَين، وكان صاحب المال ربما أوصى ببعض ماله أو بجميعه لبعض أولاده أو قرابته أو أصدقائه، فلما استقر المسلمون بدار الهجرة واختصوا بجماعتهم شرع الله لهم تشريك بعض القرابة في أموالهم ممن كانوا قد يهملون توريثه من البنات والأخوات والوالدين في حال وجود البنين ولذلك لم يُذكَر الأبناء في هذه الآية). [التحرير والتنوير]

*****************

أما سؤالك عن المقصود بالوصية في آية المواريث: (من بعد وصية يوصى بها أو دين)، فأظن الإجابة واضحة وهي: المال الذي يوصي به الإنسان قبل لموته ويكون لغير الورثة ولا يتجاوز الثلث.

*****************

"وإن كان لفظ آية المواريث لا يدل على ما يناقض آية الوصية، لاحتمالها أن يكون الميراث بعد إعطاء الوصايا أو عند عدم الوصية بل ظاهرها ذلك لقوله:

{من بعدوصية} [النساء: 11]، ....

... وهكذا نرى ان من يقول بالنسخ هنا لا يعتمد على التناقض فيالايات بل ينفيه ويلجأ الى القول بالنسخ الى شيء اخر وهو الاجماع

هذا بيان لمذهب بعض من قال بالنسخ، وهو الاعتماد على الإجماع، فقد تعددت مذاهب القائلين بالنسخ، ولخصه فخر الإسلام بقوله: أما القائلون بأن الآية منسوخة فيتوجه تفريعاً على هذا المذهب أبحاث:

البحث الأول: اختلفوا في أنها بأي دليل صارت منسوخة؟ وذكروا وجوهاً أحدهما: أنها صارت منسوخة بإعطاء الله تعالى أهل المواريث كل ذي حق حقه فقط وهذا بعيد لأنه لا يمتنع مع قدر من الحق بالميراث وجوب قدر آخر بالوصية وأكثر ما يوجبه ذلك التخصيص لا النسخ بأن يقول قائل: إنه لا بد وأن تكون منسوخة فيمن لم يختلف إلا الوالدين من حيث يصير كل المال حقاً لهما بسبب الإرث فلا يبقى للوصية شيء إلا أن هذا تخصيص لا نسخ وثانيها: أنها صارت منسوخة بقوله عليه السلام:

{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ?لْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً ?لْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَ?لأَقْرَبِينَ بِ?لْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ?لْمُتَّقِينَ} ( http://javascript:Open_Menu())

" ألا لا وصية لوارث " وهذا أقرب إلا أن الإشكال فيه أن هذا خبر واحد فلا يجوز نسخ القرآن به، وأجيب عن هذا السؤال بأن هذا الخبر وإن كان خبر واحد إلا أن الأئمة تلقته بالقبول فالتحق بالمتواتر.

ولقائل أن يقول: يدعى أن الأئمة تلقته بالقبول على وجه الظن أو على وجه القطع، والأول مسلم إلا أن ذلك يكون إجماعاً منهم على أنه خبر واحد، فلا يجوز نسخ القرآن به والثاني ممنوع لأنهم لو قطعوا بصحته مع أنه من باب الآحاد لكانوا قد أجمعوا على الخطأ وأنه غير جائز. وثالثها: أنها صارت منسوخة بالإجماع والإجماع لا يجوز أن ينسخ به القرآن. لأن الإجماع يدل على أنه كان الدليل الناسخ موجوداً إلا أنهم اكتفوا بالإجماع عن ذكر ذلك الدليل، ولقائل أن يقول: لما ثبت أن في الأمة من أنكر وقوع هذا النسخ فكيف يدعى انعقاد الإجماع على حصول النسخ؟ ورابعها: أنها صارت منسوخة بدليل قياسي وهو أن نقول: هذه الوصية لو كانت واجبة لكان عندما لم توجد هذه الوصية وجب أن لا يسقط حق هؤلاء الأقربين قياساً على الديون التي لا توجد الوصية بها لكن عندما لم توجد الوصية لهؤلاء الأقربين لا يستحقون شيئاً، بدليل قوله تعالى في آية المواريث:

{مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}

[النساء: 11] وظاهر الآية يقتضي أنه إذا لم تكن وصية ولا دين، فالمال أجمع مصروف إلى أهل الميراث، ولقائل أن يقول: نسخ القرآن بالقياس غير جائز والله أعلم.

[انتهى من التفسير الكبير للإمام الرازي]

يتبع ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير