تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره الذي قال في ترجمته مبينا لما به الفتوى ما نصه وحرم استعمال ذكر محلى ولو منطقة وآلة حرب إلا السيف والأنف وربط سن مطلقا وخاتم فضة لا ما بعضه ذهب ولو قل وإناء نقد واقتناؤه وإن لامرأة وفي المغشي والمموه والمضبب وذي الحلقة وإناء الجوهر قولان وجاز للمرأة الملبوس مطلقا ولو نعلا لا كسرير انتهى الغرض من كلام خليل مع اختلاف في بعض المسائل التي ذكرها عند المالكية وقال صاحب تبيين الحقائق في مذهب الإمام أبي حنيفة ما نصه ولا يتحلى الرجل بالذهب والفضة إلا بالخاتم والمنطقة وحلية السيف من الفضة اه

وقال النووي في شرح المهذب في مذهب الشافعي (فصل فيما يحل ويحرم من الحلي) فالذهب أصله على التحريم في حق الرجال وعلى الإباحة للنساء إلى أن قال وأما الفضة فيجوز للرجل التختم بها وهل له ما سوى الخاتم من حلي الفضة كالدملج والسوار والطوق والتاج فيه وجهان قطع الجمهور بالتحريم انتهى محل الغرض من كلام النووي وقال ابن قدامة في المقنع في مذهب الإمام أحمد ويباح للرجال من الفضة الخاتم وفي حلية المنطقة روايتان وعلى قياسها الجوشن والخوذة والخف والران والحمائل ومن الذهب قبيعة السيف ويباح للنساء من الذهب والفضة كل ما جرت عادتهن بلبسه قل أو كثر انتهى محل الغرض من المقنع

فقد ظهر من هذه النقول أن الأئمة الأربعة في الجملة متفقون على منع استعمال المحلي بالذهب أو الفضة من ثوب أو آلة أو غير ذلك إلا في أشياء استثنوها على اختلاف بينهم في بعضها وقال بعض العلماء لا يمنع لبس شيء من الفضة واستدل من قال بهذا بأمرين أحدهما أنها لم يثبت فيها تحريم قال صاحب الإنصاف في شرح قول صاحب المقنع وعلى قياسها الجوشن والخوذة الخ ما نصه وقال صاحب الفروع فيه ولا أعرف على تحريم الفضة نصا عن أحمد وكلام شيخنا يدل على إباحة لبسها للرجال إلا ما دل الشرع على تحريمه انتهى وقال الشيخ تقي الدين أيضا لبس الفضة إذا لم يكن فيه لفظ عام لم يكن لأحد أن يحرم منه إلا ما قام الدليل الشرعي على تحريمه فإذا أباحت السنة خاتم الفضة دل على إباحة ما في معناه وما هو أولى منه بالإباحة وما لم يكن كذلك فيحتاج إلى نظر في تحليله وتحريمه والتحريم يفتقر إلى دليل والأصل عدمه ونصره صاحب الفروع ورد جميع ما استدل به الأصحاب انتهى كلام صاحب الإنصاف

الأمر الثاني حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على ذلك قال أبو داود في سننه حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد عن أسيد بن أبي أسيد البراد عن نافع بن عياش عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من أحب أن يحلق حبيبه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب ومن أحب أن يطوق حبيبه طوقا من نار فليطوقه طوقا من ذهب ومن أحب أن يسور حبيبه سوارا من نار فليسوره سوارا من ذهب ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها) هذا لفظ أبي داود

قال مقيده عفا الله عنه الذي يظهر لي والله أعلم أن هذا الحديث لا دليل فيه على إباحة لبس الفضة للرجال ومن استدل بهذا الحديث على جواز لبس الرجال للفضة فقد غلط بل معنى الحديث أن الذهب كان حراما على النساء وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الرجال عن تحلية نسائهم بالذهب وقال لهم (العبوا بالفضة) أي حلوا نساءكم منها بما شئتم ثم بعد ذلك نسخ تحريم الذهب على النساء والدليل على هذا الذي ذكرنا أمور:

الأول: أن الحديث ليس فيه خطاب الرجال بما يلبسونه بأنفسهم بل بما يحلون به أحبابهم والمراد نساؤهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه (من أحب أن يحلق حبيبه) (أن يطوق حبيبه) (أن يسور حبيبه) ولم يقل من أحب أن يحلق نفسه ولا أن يطوق نفسه ولا أن يسور نفسه فدل ذلك دلالة واضحة لا لبس فيها على أن المراد بقوله (فالعبوا بها) أي حلوا بها أحبابكم كيف شئتم لارتباط آخر الكلام بأوله

الأمر الثاني: أنه ليس من عادة الرجال أن يلبسوا حلق الذهب ولا أن يطوقوا بالذهب ولا يتسوروا به في الغالب فدل ذلك على أن المراد بذلك من شأنه لبس الحلقة والطوق والسوار من الذهب وهن النساء بلا شك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير