تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) انتهى

فدل هذا التفصيل الذي هو النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة والنهي عن لبس الحرير والديباج على أن ذلك هو المراد بما في الرواية الأولى وإذن فلا حجة في الحديث على منع لبس الفضة لأنه تعين بهاتين الروايتين أن المراد الشرب في آنيتها لا لبسها لأن الحديث حديث واحد

فالجواب من ثلاثة أوجه:

الأول: أن الرواية المتقدمة عامة بظاهرها في الشرب واللبس معا والروايات المقتصرة على الشرب في آنيتها دون اللبس ذاكرة بعض أفراد العام ساكتة عن بعضها وقد تقرر في الأصول (أن ذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه) وهو الحق كما بيناه في غير هذا الموضع وإليه أشار في مراقي السعود بقوله عاطفا على ما لا يخصص به العموم على الصحيح الأول أن الرواية المتقدمة عامة بظاهرها في الشرب واللبس معا والروايات المقتصرة على الشرب في آنيتها دون اللبس ذاكرة بعض أفراد العام ساكتة عن بعضها وقد تقرر في الأصول (أن ذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه) وهو الحق كما بيناه في غير هذا الموضع ...

الوجه الثاني: أن التفصيل المذكور لو كان هو مراد النبي صلى الله عليه وسلم لكان الذهب لا يحرم لبسه وإنما يحرم الشرب في آنيته فقط كما زعم مدعي ذلك التفصيل في الفضة لأن الروايات التي فيها التفصيل المذكور (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة) فظاهرها عدم الفرق بين الذهب والفضة ولبس الذهب حرام إجماعا على الرجال

الوجه الثالث: وهو أقواها ولا ينبغي لمن فهمه حق الفهم أن يعدل عنه لظهور وجهه هو أن هذه الأربعة المذكورة في هذا الحديث التي هي الذهب والفضة والحرير والديباج صرح النبي صلى الله عليه وسلم أنها للكفار في الدنيا وللمسلمين في الآخرة فدل ذلك على أن من استمتع بها من الدنيا لم يستمع بها في الآخرة وقد صرح جل وعلا في كتابه العزيز بأن أهل الجنة يتمتعون بالذهب والفضة من جهتين:

إحداهما: الشراب في آنيتهما

والثانية: التحلي بهما وبين أن أهل الجنة يتنعمون بالحرير والديباج من جهة واحدة وهي لبسها وحكم الاتكاء عليهما داخل في حكم لبسهما فتعين تحريم الذهب والفضة من الجهتين المذكورتين وتحريم الحرير والديباج من الجهة الواحدة لقوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الروايات الصيحة في الأربعة المذكورة (هي لهم في الدنيا ولكم في

الفضة في (سورة الإنسان) أيضا في قوله) عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا (

فمن لبس الديباج أو الفضة في الدنيا منع من التنعم بلبسهما المذكور في (سورة الإنسان) لقوله صلى الله عليه وسلم: (هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) فلو أبيح لبس الفضة في الدنيا مع قوله في نعيم أهل الجنة) وحلوا أساور من فضة (لكان ذلك مناقضا لقوله صلى الله عليه وسلم: (هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)

وذكر تنعم أهل الجنة بالشرب في آنية الذهب في (سورة الزخرف) في قوله تعالى: (يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب) فمن شرب في الدنيا في أواني الذهب منع من هذا التنعم بها المذكور في (الزخرف)

وذكر جل وعلا تنعم أهل الجنة بالشرب في آنية الفضة في (سورة الإنسان) في قوله: (ويطاف عليهم بأانية من فضة وأكواب كانت قواريرا قواريرا من فضة قدروها تقديرا ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا) فمن شرب في آنية الفضة في الدنيا منع هذا التنعم بها المذكور في (سورة الإنسان) فقد ظهر بهذا للمنصف دلالة القرآن والسنة الصحيحة على منع لبس الفضة والعلم عند الله تعالى

تنبيه

فإن قيل عموم حديث حذيفة المذكور الذي استدللتم به وببيان القرآن أنه شامل للبس الفضة والشرب فيها وقلتم إن كونه واردا في الشرب في آنية الفضة لا يجعله خاصا بذلك فما الدليل في ذلك على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

فالجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عما معناه هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب فأجاب بما معناه أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ... الخ ما ذكره – رحمه الله

أرجو أن يكون حصل المراد

ـ[ابن رشد]ــــــــ[14 Jan 2006, 05:47 ص]ـ

النهى عن اللبس خاص بالرجال دون النساء، إذ جواز لبسهن كل ما ورد بذلك الحديث ثابت بالنص و بالإجماع،

أما النهى عن الشرب في آنية الذهب و الفضة، و كذا الأكل فهو عام في الرجال و النساء،

و أما إلحاق استعمال الفضة بالشرب في آنيتها فغير صحيح على التحقيق،

قال الشيخ سيد سابق - رحمه الله - في كتابه " فقه السنة ": (و ألحق جماعة من الفقهاء أنواع الاستعمال الأخرى كالتطيب و التكحل من أوانى الذهب و الفضة بالأكل و الشرب.

* و لم يسلم بذلك المحققون.

و فى حديث أحمد و أبي داود: " عليكم بالفضة فالعبوا بها لعبا " ما يؤكد ما ذهب إليه المحققون.

و في " فتح العلام ":

(الحق عدم تحريم غير الأكل و الشرب [يعنى: في آنيتهما]، و دعوى الإجماع غير صحيحة،

و هذا من شؤم تبديل اللفظ النبوى بغيره، لأنه ورد بتحريم الأكل و الشرب، فعدلوا عنه إلى الاستعمال، و هجروا العبارة النبوية، و جاءوا بلفظ عام من تلقاء أنفسهم) - انتهى

(فقه السنة، سيد سابق، مجلد 3، ص 490، دار الكتاب العربي، بيروت ط 15، 1403/ 1983 م)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير