أحسب أن هذا و ذاك في حاجة إلى تدقيق و تحقيق و توثيق، ليكون الاستدلال في موضعه و الاحتجاج في محله، صونا للقرآن الكريم و سموا به
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[20 Jan 2006, 01:25 ص]ـ
بارك الله فيك، أخي الكريم أراك اقتبست من كلامي عن مضمون البحث "الأصلي"، إذاً فهو عن البحث المدرج أعلاه، ولذلك كي تتفهم مرادي بهذا الاقتباس ارجع - فضلاً لا أمراً جزاك الله خيرا - للبحث نفسه، كما لا يخفى.
أما الجواب على سؤالك:
- ما وجه الدلالة من الآيتين على ما ذكرته آنفا؟
فلفظ "البناء" يعني عدم خلوها من المادة التي خلقها الله تعالى، وخلقها الله "بأيد" أي بقوة، قال صاحب الشمقمقية في زهر الأفنان:
وهب لأيديهن أيداً ولها = = متناً متيناً ما خلا عن مصدق
أي وهب لأيديهن قوة تتمكن بها - أي الإبل - من السير.
ويؤيده قوله تعالى (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها و زيناها و مالها من فروج)
والآية كما ترى فيها تقرير بالإثبات و توكيد بالنفي، فهي "مبنية"، بنص الآية، ولما كان هناك مجال لتوهم وجود فراغات أو صدوع في هذا البناء المحكم أزال هذا الوهم المحتمل بقوله (ومالها من فروج)، وبالتالي فكل جزء من أجزاء الكون مليء بمادة البناء هذه، ولكن انبه على التفريق بين مادة البناء واللون "الأسود" الذي تحدثت عنه في بحثي، وبه صار الليل مظلما، إذ هو عرض قائم بهذه المادة البنائية التي لا يعلم حقيقتها إلا الله، وإن كان لها تعلق بموضوع القوى الماسكة للكون بقدرة الله تعالى، (يسميها العلماء: القوى الأربع: النووية الضعيفة، والنووية القوية، والقوة الجاذبية، والقوة الكهرومغناطيسية ... ولها تفصيل آخر، لو بينته لأخرجنا عن الموضوع الأصلي)
أما وجه الدلالة من قوله تعالى (الذى خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام)
فهو قوله (وما بينهما)، و "ما" هنا إما أن تكون "ما" المصدرية أو "ما" الموصولة، وفي كلٍّ فالمعنى في نهاية المطاف يشمل كل شيء بين السماوات والأرض، بما في ذلك مادة البناء، ولفظ "البناء" كما لا يخفى لفظ استعمله القرآن في أكثر من موضع.
أما الجواب على سؤالك:
- و هل ذلك " الفهم " يعتد به بحيث يعد " دليلا " معتبرا علما و شرعا؟
وأنا بدوري أقول: متى كان الفهم لوحده يعتد به كدليل شرعي؟ أليس الدليل الشرعي شيء والفهم شيء آخر، وبالتالي المقابلة بينهما مقابلة بين ما لا يقبل المقابلة من الأساس، كما هو معلوم لمن كان له أدنى حظ من النظر. وكأني بك تقول: هل ذلك "الدليل العقلي" - لأن الفهم دليل عقلي في الحقيقة - يعتد به بحيث يعد "دليلا" معتبرا علما وشرعا؟! ومثلك لا يخفى عليه مافي الجمع بين هذين المفهومين من التضاد، ولو كان مجرد جمع بين "خلافان"، كما يذكره الأصوليون مثل ابن النجار في مختصر التحرير وغيره، لساغ التساؤل ولا إشكال.
ولكن يبقى الأمرالآخروهو: أن يعتد به (أي الفهم) كدليل علمي (أي عقلي)، لا شرعي، ففي هذه الحالة هذا ممكن، ومادام الأمر متعلق بمسألة الفهم بالدرجة الأولى، فإن سؤالك ينسحب أيضاً على كل مافي البحث الذي أحلتني عليه كذلك، للفاضل د. أنيس الراوي، وإلا فما الذي يجعل فهمه بمنأى عن هذا التساؤل؟
وأما قولك - ايها الفاضل -:
أحسب أن هذا و ذاك في حاجة إلى تدقيق و تحقيق و توثيق، ليكون الاستدلال في موضعه و الاحتجاج في محله، صونا للقرآن الكريم و سموا به
بارك الله فيك وزادك الله حرصا، ولكن قولك "هذا وذاك" أيضاً كلام مبهم يحتاج إلى تدقيق وتحقيق، فما هو هذا وذاك في عرف أهل العلم، وما ضابطه، وقيده؟ ومع ذلك أخي الفاضل لا أخفيك أن عبارتك أشعرتني بأني أقوم بعمل يضاد صون القرآن، وأني أقوم بما يمس سموه، فهل شعوري هذا صحيح أخي الكريم؟
أخي، أنا أرحب بالمداخلات العلمية، أي تبين لي مكان الغلط في المعلومة العلمية (العقلية) أو الشرعية، وذلك بالنص والتحديد، ثم تقدم دليلك العقلي وكذا الشرعي وكذا اللغوي، أما أن نقول هل فهمك يافلان من الناس دليل شرعي يعتد به، وهل، وهل؟ فهذا جوابه معروف، مسلم به، قبل أن يطرح مثل هكذا سؤال.
¥