تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولا يكون للقول بالنسخ محل إلا إذا استحال الجمع بين الدليلين؛ لأن الجمع أولى، فإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما، كما هو معروف، وطبعاً العلماء هم الذين يبينون هذا الأمر، وقد يحكمون بالنسخ باتباع الطرق السابقة الذكر لا بالاجتهاد، وليس كل تعارض ظاهري بين الأدلة يقال بناء عليه: إن الجمع مستحيل، فالتعارض قد يكون بسبب خلل في أفهامنا، والتوفيق بين الأدلة من الأمور الدقيقة التي تحتاج إلى تدبر وعلم.

من وسائل الجمع بين الدليلين القول بالتخصيص، وهو قصر العام على بعض أفراده، فقد يُدفع التعارض بالحكم على أحد الدليلين بأنه مُخَصِّص للآخر، لا أنه ناسخ له، وبهذا يكون كلا الدليلين قد تم العمل بهما، مثاله قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) [البقرة:221]، وقوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة:5]، قد يبدو التعارض هنا بأن الآية الأولى منعت الزواج من المشركات، ووصف الشرك يصدق على الكتابيات، والآية الثانية أحلت الزواج من الكتابيات، ولكنه تعارض ظاهري، يمكن دفعه بالقول بالتخصيص، ولا يجوز التسرع بالقول بالنسخ حتى لا يتم إهمال أحد الدليلين، فيصير الحكم أن الزواج من المشركات لا يجوز، ويخرج من هذا الكتابيات.

مما تقدم يتبين أن القول بالنسخ ليس أمراً بلا ضوابط، وليس أمراً ممتد الأطراف كما قد يُخيَّل إلى البعض، فهو علم له ضوابط، وكثير مما نُسب إلى النسخ يثبت بعد التمحيص والبحث أنه ليس منه، وقد قام الأستاذ العلامة فضل حسن عباس ـ نفع الله به ـ بمناقشة الآيات التي قيل بنسخها، ووجد بعد التحقيق ودراسة ما استند إليه القائلون بالنسخ أن عدد الآيات المنسوخة بضع آيات لا يتجاوز السبع. [للتوسع انظر: اتقان البرهان، (29:2،36)].

من هذه الآيات المنسوخة آية الوصية: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين) [البقرة:180]، والجمهور على أنها منسوخة بآية المواريث: (يوصيكم الله في أولادكم) [النساء:11]، والحديث: (لا وصية لوارث) يؤيد آية المواريث، ليس ناسخاً لآية الوصية [خروجاً من الخلاف: هل السنة تنسخ القرآن]: "أما القول بإحكامها فتكلُّف ومشيٌ في غير سبيل، لأن الوالدين ـ وقد جاء ذكرهما في الآية ـ لا يحرمان من الميراث بحال، ثم إن أدلة السنة متوافرة على عدم جواز الوصية لوارث، محافظة على كتلة الوارثين أن تتفتت، وحماية للرحم من القطيعة، .. " [مناهل العرفان، (276:2)].

والله تعالى أعلم بالصواب

ـ[الكشاف]ــــــــ[24 Jan 2006, 07:43 ص]ـ

شكراً للأخت باحثة على جوابها. وليت الأخ الكريم سيف الدين نظر في الموقع قبل طرح سؤاله المكرر (حيث سبق أن طرحه هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showpost.php?p=17706&postcount=3) ) ليجد تفاصيل موضوع النسخ، وقد بحثتُ سريعاً عن كلمة (النسخ) فظهر لي عدد كبير من الموضوعات المتعلقة بالنسخ، والتي تعرضت لشروط النسخ وضوابطه، والطريقة الصحيحة للتعامل معه، وأن الأمر فيه ليس متروكاً لاجتهاد أي أحد كما يظهر لي من سؤال الأخ سيف الدين. بل للعلماء فحسب.

ومن هذه الموضوعات:

- مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن (المجلس الخامس: وقفات حول النسخ في القرآن) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=25)

- الآيات المنسوخة في القرآن الكريم ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=849).

- مفهوم النسخ عند الطبري وأثره على تعليقاته على تفسير السلف، مع بيان مصطلحهم في ذلك. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1229)

- النسخ في القرآن - رأي آخر. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1630)

وأنصح إخواني بمراجعة الموضوعات السابقة في الملتقى قبل طرح أسئلتهم تجنباً للتكرار.

ـ[سيف الدين]ــــــــ[25 Jan 2006, 09:00 م]ـ

أشكر الاخوة والاخوات الكرام على هذه المساهمات الطيبة, وارجو منهم ان تتسع صدورهم ما سأقول .. فاني والله لا اقول هذا الكلام معاندا وانما طلبا للحق فيما بلغ فهمي ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير