تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقوله تعالى في الكافرين والفاسقين عند موتهم: ?فَكَيْفَ إذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ? (34)، وغير ذلك.

فإذا حلّلنا الفعل (صكّتْ) تحليلاً صوتيًّا مع ما لحقه من تاء دالّة على التأنيث، وجدناه يجمع بين الشدّة والتفخيم؛ إذ الصاد من أصوات الإطباق، والمطبق مفخّم، والكاف والتاء صوتان شديدان، وزاد من شدّة الكاف تضعيفها. وبهذا أدّت هذه اللفظة بهذه الأصوات صورة اللطمة الشديدة من جانبها الصوتي الإيحائي، فضلاً عن جانبها اللغوي، الدال على الضرب الشديد. وبذلك ضاعف الإيحاء الصوتي للصك من دلالته على الضرب الشديد.

ولا يزال الناس في أرياف العراق، ولا سيما أهل الوسط والجنوب منهم، يستعملون هذا اللفظ، للتعبير عن هذا المعنى القرآني الذي هو الضرب الشديد، فيقول أحدهم مثلاً: "صكّهْ بالصّخريَّهْ"، أي: ضربه بها، و (الصخريّة) عصا قصيرة في نهايتها حديدة، تكون غالبًا صفراء، تستعمل سلاحًا يحمله الرجل دفعًا للأذى عنه.

ومن لطف الباري ? ودقّة استعمال الألفاظ في التعبير القرآني، أنه تعالى لم يقل: (فصكّوهُنّ)، بل قال: ? اِضْرِبُوهُنَّ ?، وذلك في آخر مرحلة من مراحل تأديب الزوجات غير المطيعات، بعد المرحلتين اللتين ذكرناهما آنفًا، وهما: الوعظ، والهجر في الفراش، وذلك إذا نشزت إحداهنّ على زوجها؛ استعلاء أو مخالفة لما له عليها من حقّ قرّره الشرع.

فيتبيّن لنا مما أوردناه آنفًا من أمثلة في هذا البحث أنّ "الإيحاء الصوتي" في تعبير القرآن يختلف من حال إلى حال، ومن سياق إلى آخر، تحقيقًا للمعنى الدقيق الذي قصد إليه التعبير. وبذلك حقق القرآن الكريم في هذا المجال أيضًا أدلة على إعجازه المتمثّل -في إحدى صوره- بانتقاء الصوت الملائم للدلالة، المحقق لها، سواء أكان الصوت مفردًا، أم كان مركّبًا.

الهوامش:

* كلية التربية للبنات، جامعة بغداد.

(1) مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، تحقيق نديم مرعشلي.

(2) القصص: 7. (3) النحل: 68 - 69.

(4) ما يقال عن الإسلام: عباس محمود العقاد، 159. (5) الأنعام: 112.

(6) ينظر بحثنا: المعراض مصطلح بلاغي قديم، مجلة العرب، الرياض، ج1و2، س37، 2001م.

(7) مريم: 11. (8) آل عمران: 41. (9) الكهف: 42.

(10) كتاب الموسيقى الكبير للفارابي، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 70.

(11) دلالة الألفاظ، د. إبراهيم أنيس، ط2، مطبعة لجنة البيان العربي، القاهرة، 1963م، 195.

(12) المصدر نفسه.

(13) الجرجاني، الرسالة الشافية، ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، القاهرة، 1968م، 125؛ ودلائل الإعجاز للجرجاني، تعليق خفاجي، القاهرة، 1969م. (14) ق:10و11.

(15) ينظر: تحفة الإخوان في بيان تجويد القرآن، حسن إبراهيم الشاعر، 13.

(16) الفارع: المرتفع، والتام الشعر، والمرأة فرعاء، ينظر القاموس المحيط للفيروزآبادي 3/ 62 (فرع)، دار العلم للملايين.

(17) ينظر: التصوير الفني في القرآن لسيد قطب؛ وبحثنا التشخيص الفني لعناصر الطبيعة في القرآن الكريم، مجلة منار الإسلام، أبوظبي، العدد 9، 2001م، ص24 وما بعدها.

(18) ينظر: الأصوات اللغوية، إبراهيم أنيس، ط5، القاهرة، 1975م، 23.

(19) ينظر: المصدر نفسه، 24. (20) مريم: 83.

(21) مريم: 24و 25. (22) القيامة: 31. (23) القيامة: 33.

(24) تنظر: فواصل الآيات: 35 و36 و37 و38 من سورة القيامة.

(25) مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي، ط2، بيروت، 29/ 132.

(26) نفس المرجع. (27) الزمر: 56. (28) الحاقة: 27 - 29.

(29) البروج: 14. (30) الشمس: 14. (31) النساء: 34.

(32) الذاريات: 29. (33) النور: 31. (34) محمد: 27.

المصدر ( http://www.hamadaljasser.com/article/article_detail.asp?articleid=154)

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[09 Mar 2006, 05:47 ص]ـ

شيخنا الجليل عبد الرحمن الشهري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خير الجزاء على هذا البحث الماتع القيّم، والذوق الأدبي الرفيع، الذي يشهد لعظمة القرآن المجيد، والذي يضيف بُعداً جمالياً ومتنوّعاً للفظة القرآنية ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير