تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأولى: تعريف المدعوإليه كما أشير إليه بصدرها وتعريف الصراط المستقيم وقد صرح به فيها وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى وهوالآخرة كما أشير إليه بملك يوم الدين والأخرى تعريف أحوال المطيعين كما أشير إليه بقوله {الذين أنعمت عليهم وحكاية أقوال الجاحدين وقد أشير إليها بالمغضوب عليهم ولا الضالين وتعريف منازل الطريق كما أشير إليه بقوله {إياك نعبد وإياك نستعين} أه.

ولا ينافي هذا وضفها في الحديث الآخر بكونها ثلثي القرآن لأنه بعضهم وجهه بأن دلالات القرآن العظيم إما أن تكون بالمطابقة أوبالتضمن أوبالالتزام دون لمطابقة وهذه السورة تدل جميع مقاصد القرآن بالتضمن والالتزام دون المطابقة والاثنان من الثلاثة ثلثان ذكره الزركشي في شرح التنبيه.

وناصر الدين بن الميلق قال: وأيضًا الحقوق ثلاثة: حق الله على عباده وحق العباد على الله وحق بعض العباد على بعض وقد اشتملت الفاتحة صريحًا على الحقين الأولين فناسب كونها بصريحها ثلثين.

وحديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين شاهد لذلك.

قلت: ولا تنافي أيضًا بين كون الفاتحة أعظم السور وبين الحديث الآخر أن البقرة أعظم السور لأن المراد به ما عدا الفاتحة من السور التي فصلت فيها الأحكام وضربت الأمثال وأقيمت الحجج إذ لم تشتمل سورة على ما اشتملت عليه ولذلك سميت فسطاط القرآن.

قال ابن العربي في أحكامه: سمعت بعض أشياخي يقول فيها ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر ولعظيم فقهها أقام ابن عمر ثماني سنين على تعليمها أخرجه مالك في الموطأ.

قال ابن العربي أيضا وإنما صارت آية الكرسي أعظم الآيات لعظم مقتضاها فإن الشيء إنام يشرف بشرف ذاته ومقتضاه ومتعلقاته وهي في أي القرآن كسورة الإخلاص في سوره إلا أن سورة الإخلاص تفضلها بوجهين.

أحدهما: أنها سورة وهذه آية والسورة أعظم لأنه وقع التحدي بها في أفضل من الآية التي لم يتحد بها.

والثاني: أن سورة الإخلاص اقتضت التوحيد في خمسة عشر حرفًا وآية الكرسي اقتضت التوحيد في خمسين حرفًا فظهرت القدرة في الإعجاز بوضع معنى معبر عنه بخمسين حرفًا ثم يعبر عنه بخمسة عشر وذلك بيان لعظيم القدرة والانفراد بالوحدانية. وقال ابن المنير: اشتملت آية الكرسي على ما لم تشتمل عليه آية من أسماء الله تعالى وذلك أنها مشتملة على سبعة عشر موضعًا فيها اسم الله تعالى ظاهرًا في بعضها ومستكنا في بعض وهي الله وهوالحي القيوم ضمير لا تأخذه وله وعنده وبأذنه ويعلم وعلمه وشاء وكرسيه ويؤوده ضمير حفظهما المستتر الذي هوفاعل المصدر وهوالعلي العظيم.

وإن عدت الضمائر المتحملة في الحي القيوم العلي العظيم والضمير المقدر قبل الحي على أحد الأعاريب صارت اثنين وعشرين.

وقال الغزالي: إنما كانت آية الكرسي سيدة الآيات لأنها اشتملت على ذات الله وصفاته وأفعاله فقط ليس فيها غير ذلك ومعرفة ذلك هو المقصود الأقصى في العلوم وما عداه تابع له والسيد اسم للمتبوع المقدم فقوله الله إشارة إلى الذات لا إله إلا هو إشارة إلى توحيد الذات الحي القيوم إشارة إلى صفة الذات وجلاله فإن معنى القيوم الذي يقوم بنفسه ويقوم به غيره وذلك غاية الجلال والعظمة لا تأخذه سنة ولا نوم تنزيه وتقديس له عما يستحيل عليه من أوصاف الحوادث والتقديس عما يستحيل أحد أقسام المعرفة له ما في السموات وما في الأرض إشارة إلى الأفعال كلها وأن جميعها منه وإليه من ذا الذي يشفع عنده إلا بأذنه إشارة إلى انفراده بالملك والحكم بالأمر وإن من يملك الشفاعة إنما يملكها بتشريفه إياه والأذن فيها وهذا نفي الشركة عنه في الحكم والأمر يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم إلى قوله {شاء إشارة إلى صفة العلم وتفضيل بعض العلومات والانفراد بالعلم حتى لا علم لغيره إلا ما أعطاه ووهبه على قدر مشيئته وإرادته وسع كرسيه السموات والأرض إشارة إلى عظمة ملكه وكمال قدرته ولا يؤوده حفظهما إشارة إلى صفة القدرة وكمالها وتنزيهها عن الضعف والنقصان وهوالعلي العظيم إشارة إلى أصلين عظيمين في الصفات.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير