فهل في ذلك إنكار لجهد السابقين أيها الأخ الكريم؟ أو تغافل عن السنة؟
إن منهجية البحث في كل ألوان التفسير الموضوعي قد بينت في الكتاب "مباحث في التفسير الموضوعي" (2)
[ line]
(1) نفس المرجع السابق55_56_57
(2) د. عبد السلام اللوح و د. عبد الكريم الدهشان، الطبعة الأولى 2003م من ص 40إلى ص74
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:34 ص]ـ
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"رابعًا: إن من يقرأ ما كُتِبَ في التفسير الموضوعي من جهتيه التنظيرية والتطبيقية سيجد عدم الاتفاق في كثيرٍ منه، فهذا يستدرك على هذا في التنظيرات، وذاك لا يرضى طريقة هذا في التطبيقات.
ولاشكَّ أن هذه الاستدراكات نابعة من جدَّةِ الموضوع، وعدم وضوحه منذ بداياته في النصف الثاني من القرن الرابع عشر، وهذا يعني أنَّ مجال الاستدراك لازال مستمرًّا."
أقول:وهكذا كل علم أخي الكريم، فيه مجال للأخذ والرد، واختلاف العلماء على علم لا يعني أبداً عدم أهليته ليكون علماً، فالأحناف يستدركون كثيراً على علم الحنابلة مثلاً، لكنهم لا ينكرون أن ما يحمله الحنابلة إنما هو علم.
وكذلك علم التفسير الموضوعي، هو علم يستدرك عليه الكثير لكن ذلك لا يعني لنا عدم أهليته، وكم من علم عابه الناس على مر الزمان، فلما دارت الأيام تبين للناس ذاتهم خطأ حكمهم عليه، أما عدم وضوح هذا العلم فما أنفك علماؤنا ومشايخنا يبينون لنا وللناس مفاتح هذا العلم حتى صار عند كثير منا معلوماً وواضحاً، فعدم وضوح الشيء ليس عيباً فيه، إنما العيب في عين الناظر، وقد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم،
ولا يزال المرء فينا طالباً للعلم، يحاول أن يجلي منه ما يستطيع، فالكمال عزيز، والعلم بحر وافر واسع.
فحاول أخي الكريم أن تنظر بنظرة طالب العلم للموضوع، لا بنظرة الناقد التي نظرت، لعلك ترى الموضوع من جانب آخر.
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"خامسًا: إن طريقة كتابة التفسير الموضوعي سواء أكان موضوعًا من خلال القرآن أم كان موضوعًا من خلال سورة غير متفقٍ عليها.
فبعضهم ينحى في الكتابة إلى الأسلوب الأدبي والخطابي، فتراه يقلِّب عبارته، ويبدي ويعيد في ألفاظ ينتقيها، ويطيل الكلام في موضوع يمكن إجماله في سطر ونصف السطر.
وقد اطَّلعت على رسائل سارت على هذا الأسلوب، فاستغربت القصد إلى هذا التطويل في العبارات لأجل إثبات قضية يمكن إثباتها وبيانها بأقل مما الحال عليه في هذه الرسائل، حتى ظهر لي أن هذا الأسلوب مقصودٌ لذاته، ولا تتمُّ الرسالة إلا به. وهذا ـ في الحقيقة ـ من الحشو الذي يمكن الاستغناء عنه.
وبعضهم ينحى إلى تقرير المسألة تقريرًا علميًا مباشرًا بلا حشو عبارات لا داعي لها، وهذا هو السبيل الأمثل في العلم، لأن الأساليب الخطابية والأدبية لا مدخل لها في إثبات المسائل العلمية، وإنما قد توجد فيها كوجود الملح في الطعام، فإذا زادت فسد الكلام كما يفسد بزيادة الملح الطعام."
أقول: وهل الأقدمون إلا كذلك، فترى لكل تفسير من تفسيراتهم وجهة خاصة، وطعماً حلواً في أغلبه رغم اختلافه، أفلا يوجد من الأقدمين من طول وأسهب؟، ألا يوجد من قصر واختصر؟.
وأرى أخي أنك تجنيت هنا على هذه الرسائل، فلقد قرأت بعضها فوجدتها موضوعية جداً، ولا تحمل في طياتها أي حشو، أما أن تتهم من بحث في هذا العلم أن التطويل والإسهاب والحشو مقصود في ذاته ولا تتم الدراسة إلا به فهذا عار عن الصحة، إذ أن كثيراً من الطلاب أعادوا صياغة رسائلهم في التفسير الموضوعي، نظراً لتعليق الأساتذة المشرفين عليها.
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[07 Mar 2006, 11:35 ص]ـ
ولقد ذكر أساتذتنا من بين قواعد التفسير الموضوعي (تجنب الحشو والاستطراد في التعليق: لأن قصد الباحث في التفسير الموضوعي هو إبراز موقف القرآن الكريم من قضايا ومسائل موضوعة ... ) (1)
وأريد أن أطرح بين يديك رسائل منها " الشيطان خطواته وغاياته_دراسة قرآنية موضوعية " لشيخنا الأستاذ وائل بشير حفظه الله،
وهي منشورة في مكتبة مشكاة الإسلامية، فأطلب منك الإطلاع عليها، لعل منهج الشيخ يجعلك تعيد النظر في رأيك الآخير.
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"سادسًا: من طرائف ما وقع لي فيما يتعلق بهذا الموضوع أني كنت أتحدث مع أستاذ من أساتذة الثقافة الإسلامية في كلية الشريعة بالرياض، فقلت له: ألا يوجد موضوعات علمية قدِّمت لكم وصار بينكم وبين قسم الدعوة بكلية الدعوة والإعلام منازعة في الموضوع، هل هو من موضوعات الثقافة الإسلامية أو من موضوعات الدعوة الإسلامية؟
فقال لي بل قد تكون المنازعة بين ثلاثة أقسام، وهي قسم القرآن وقسم الثقافة وقسم الدعوة، حينما يكون من موضوعات التفسير الموضوعي."
أقول:فهل المنازعة في ذات الموضوع دلالة ذم؟، إني أعتبرها دلالة مدح، لأنها تدل على قيمة الدراسات القرآنية وشموليتها لكل نواحي الحياة الإنسانية، وهذا يبرز عظمة القرآن الكريم من جهة، ويبرز أهمية التمسك به كمنهج حياة من جهة أخرى.
ولا بأس بالمنازعة والمنافسة، خصوصاً أن إجابة الأستاذ كانت تتعلق بأقسام تتحد بعض مقاصدها وتوجهاتها.
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"وأخيرًا أقول: إنني على غير قناعة بالمطروح في التفسير الموضوعي، لا من جهة الاصطلاح، ولا من جهة التنظير والتطبيق. وأتمنى لو صُحِّحَ مسار هذا الموضوع، إذ فيه نفع وفوائد كثيرة، لكن بعد ترشيده وتسديده.
أسأل الله أن يجعل هذا الكلام من باب النصح والتصويب لا من باب التثريب، وأسأله أن يرينا ـ جميعًا ـ الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه."
أقول: بما أنك أقررت أن المسألة فيها مجال للاستدراك فلعلك تعيد النظر مرة آخرى إلى التفسير الموضوعي،وبارك الله فيك على نصحك الطيب.
[ line]
(1) مباحث في التفسير الموضوعي ص 73
¥