ونقول: اذا كان ذلك بدلالة نص هذا الحديث فهو احتمال نعتقده اوهى من الاحتمال الذي فصّلناه اعلاه ..
واما اذا كان بدلالة الاحاديث الاخرى, فاننا نقول: من يدري؟ فلعلّ رواة الاحاديث الاخرى قد تصرفوا بنص الحديث بناء على هذا النص فاضافوا كلمة رسول الله الى أصحابه من باب اجتهاد شخصي ..
وعلى أيّ ....
ان نصوص المجموعتين الاولى والثانية يمكن ان يحمل على انه يمثّل وجهة نظر الراوي بكل ما تحمل الكلمة من معنى, فهو يقول انه شقّ على الصحابة الاية الاولى فأنزل الله تعالى الاية الثانية, وهو – اي الراوي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه – لم يتعرّض في هذا الحديث لقول للرسول صلى الله عليه وسلم فيكون الامر عندها ترتيبا من قبل الراوي لا يلزم احدا بشيء بتاتا .. واننا نرجح ان يكون هذا هوالنص الاساسي للحديث اي انه رأي ارتآه ابن مسعود ولا يشكّل تصريحا بأنه حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام ... اي ان الموضوع لا يعدو ان يكون تفسيرا من ابن مسعود لنص قرآني ..
اذا كان هذا الكلام صحيحا, فما بال الاحاديث في المجموعة الثالثة؟
ان روايات المجموعة الثالثة - على الارجح - قد نقلت بالمعنى تأسيسا على ما قاله ابن مسعود ... نعتقد ان روايات المجموعة الثالثة قد تأسست على أساس نقلها بشكل تفسيري للمجموعة الاولى, وقد تم ادخال الرسول كجزء من بنية الحديث حيث حاول رواة هذه المجموعة نقل الحديث بالمعنى ... ونعتقد ان الذي ادى الى ذلك هو وجود عناصر ايحاء قوية مثل كلمة "رسول" مضافة الى كلمة "اصحاب" حيث توهم وكأن هؤلاء الاصحاب قد سألوا الرسول عليه الصلاة والسلام, اضافة الى ذلك ورود كلمة الظلم في الايتين مما يدعو الذهن الى الربط السريع فيصبح الاستنتاج العقلي وهو ان المقصود بالشرك هو الظلم من البداهة بمكان ان يجعل الراوي لا يجد حرجا في ان ينقل ما سمع بشكل تفسيري يضيف الى الايات فهمه بكل عفوي ... بكلام آخر, لقد ظن رواة المجموعة الثالثة رأي ابن مسعود انه حديث للرسول صلى الله عليه وسلم, فقاموا بنقل رواية ابن مسعود بناء على ذلك وضمنوا البنية الاساسية خطابا وتحاورا بين الرسول واصحابه حتى يصبح النص اكثر وضوحا في اذهان السامعين ... ولست اقصد هنا انهم قاموا بذلك افتراء على الرسول, وانما فعلوا ذلك لغلبة ظنهم ان ما سمعوه هو حديث عن الرسول فلم يجدوا حرجا في ان ينقلوه بالمعنى ...
والذي يرجح ما ذهبنا اليه هو ان روايات المجموعة الثالثة جاءت بصيغ مختلفة, الامر الذي يرجح ما ذهبنا اليه من ان هذه المجموعة نقلت بالمعنى تأسيسا على المجموعة الاولى ...
والآن, كل ما ذكرناه الى الان قد لا يعد استدلالا, وانما أردنا ان نستعين به لنرسم صورة معينة توضح ان التناقض الموجود في الحديث هو ليس بالسهولة التي ذهب اليها ابن حجر في محاولاته التوفيقية ...
والآن نترك الاسئلة التالية برسم قرائنا الاعزاء حتى نخلص بحكم اخير على هذا الحديث, والذي أعدّه رأيا لابن مسعود وليس حديثا الى ان يتضح خلاف ذلك:
1 - ان الايتين هما آيات مكية بالاتفاق .. مما يعني ان الصحابة عندما وجهوا سؤالهم للرسول, فعلوا ذلك وهم بمكة, وهنا نتساءل: من وجّه هذا السؤال؟ هو وجّهه عمار – الذي مات والديه امام ناظريه – ام بلال -وهو يقول أحد أحد مفترشا رمالا ملتهبة وملتحفا بصخرة – ام سلمان ام غيرهم من المؤمنين الذين كان يمارس عليهم مختلف صنوف الاذى والعذاب والظلم والذين عانوا من الحصار في الشعب والذين مر عليهم ثلاث سنين لا يجدون ما يتقوتونه؟ ان جميع اصناف الظلم كانت تلحق بالمسلمين, فهل يعقل ان يشق عليهم ان تنزل آية فيها وعيد للظلم بأي شكل من أشكاله؟؟ ان المسلمين في مكة كانوا في دائرة الاستضعاف بكل معنى الكلمة الامر الذي يبعد عن الذهن ان يكون مثل هذا التساؤل قد صدر عن مستضعفي مكة .. ثم ان مؤمني مكة كانوا مكلّفين بقضية اساسية وهو الايمان مضافا اليها شيئا يسيرا من التكاليف ذات العناوين العريضة كعدم الزنى وغيره ... فأين دائرة الظلم الذي يمكن ان يمارسوه في واقعهم؟
2 - لنمعن في الروايات التالية:
¥