تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الى ان الراوي هنا لا يقصد به عبد الله بن مسعود فحسب بل جميع رجال سلسلة السند حيث قد يعدّل فيها كل راوي من السند بحسب ما يرى ملائما من المعنى الذي فهمه لذا نرى ان هناك اكثر من صيغة وردت عن ابن مسعود في صحيح البخاري ومسلم.

ويبقى هناك جزء ثالث في الرواية والذي يعود للراوي ايضا وهو ما جاء في الحديث من ذكر للعذاب والقحط الذي اصاب قريش: " فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام", " فأصابتهم سنة حصت كل شيء حتى أكلوا العظام حتى جعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها مثل الدخان", " فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان", " فأخذتهم سنة فحصت كل شيء حتى أكلوا الميتة والجلود حتى جعل الرجل يرى بينه وبين السماء دخانا من الجوع", "فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد", " فأخذتهم سنة أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع", " فأصابتهم سنة حصت يعني كل شيء حتى كانوا يأكلون الميتة فكان يقوم أحدهم فكان يرى بينه وبين السماء مثل الدخان من الجهد والجوع", " فأخذتهم السنة حتى حصت كل شيء حتى أكلوا العظام والجلود فقال أحدهم حتى أكلوا الجلود والميتة وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان", " فأخذتهم سنة حصت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع وينظر إلى السماء أحدهم فيرى كهيئة الدخان".

ففي هذا الجزء وصف لما اصاب قريش بجريرة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش بسنين كسني يوسف عليه السلام.

ثالثا: بالانتقال الى ما نقل رواية عن الراوي وليس عن الرسول فان الراوي يخبر – كما جاء في النقطة الثانية – ان قريش اصابها قحط شديد لمدة سنة الامر الذي حدا بهم الى اكل العظام واكل الجلود. ان هذا الكلام ايضا بحاجة الى امعان نظر. فنسأل اولا: من اين كانت مكة تحصل على كفايتها الزراعية؟ هل كانت مكة ارضا زراعيا بحيث لو تعطّل المطر يكون مصيرهم ان تهلك مزروعاتهم؟

حقيقة ان هذه الرواية التي نقلت عن ابن مسعود لا تتوافق مع طبيعة ارض مكة التي لم تكن ارضا زراعية, قال تعالى: {بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم} , يضاف الى ذلك ان الله سبحانه وتعالى اخبر عن عصب حياة قريش ومقوّماتها الاقتصادية فقال: {لايلاف قريش (1) ايلافهم رحلة الشتاء والصيف (2)} لقد كانت قريش تعتمد على رحلاتها كمورد اقتصادي كما انها كانت تعتمد على الاراضي الزراعية التي حولها في الحصول على قوتها كأرض اليمامة وغيرها. (نصوص عن زراعة العرب)

رابعا: قال تعالى: {وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (32) سورة الأنفال جاء في تفسير الطبري والقرطبي ان الله عذّبهم يوم بدر بأيدي المسلمين

خامسا: قال تعالى: {وما كان الله ليعذّبهم وانت فيهم} وقد ذكرت بعض الاحاديث ان القحط اصاب قريش والرسول كان بين اظهرهم, فكيف يستقيم ذلك؟ جاء في تفسير الامام الطبري: عن عكرمة والحسن البصري, قالا: قال في الانفال: {وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} فنسختها الاية التي تليها: {وما لهم الا يعذبهم الله} الى قوله: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} فقوتلوا بمكة, واصابهم فيها الجوع والحصر. وأولى هذه الأقوال عندي في ذلك بالصواب قول من قال: تأويله: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم يا محمد وبين أظهرهم مقيم، حتى أخرجك من بين أظهرهم؛ لأني لا أهلك قرية وفيها نبيها. وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون من ذنوبهم وكفرهم، ولكنهم لا يستغفرون من ذلك، بل هم مصرون عليه، فهم للعذاب مستحقون، كما يقال: ما كنت لأحسن إليك وأنت تسيء إلي، يراد بذلك: لا أحسن إليك إذا أسأت إلي ولو أسأت إلي لم أحسن إليك، ولكن أحسن إليك لأنك لا تسيء إلي؛ وكذلك ذلك. ثم قيل: {ومالهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام} بمعنى: وما شأنهم وما يمنعهم أن يعذبهم الله وهم لا يستغفرون الله من كفرهم فيؤمنوا به، وهم يصدون المؤمنين بالله ورسوله عن المسجد الحرام.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير