فسأله النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسئلة: من لحاجتك؟ من لرغبتك؟ فيقول: الذي في السماء .. ، فحجه النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القضية قال: فما حاجتك بهؤلاء الآلهة؟ ما حاجتك بغيره؟! فكان ذلك سببا لإسلامه رضي الله عنه، وقد جاء للاحتجاج على النبي صلى الله عليه وسلم في قضية التوحيد.
فإذا .. حينما نقر بأن الله هو الإله، فهذا يتضمن أنه موصوف بجميع صفات الكمال. وبهذا نعرف الجواب عن السؤال في معنى كون هذا الاسم ترجع إليه الأسماء الحسنى من جهة المعنى. أي أن معناه يتضمن جميع معاني الأسماء الحسنى الدالة على الكمال، فالله عز وجل ترجع إليه جميع معاني الأسماء الأخرى كالرازق والحي والقادر والمدبر والسميع والبصير وما إلى ذلك.
ولهذا قال جمع من أهل العلم: إنه الاسم الأعظم الذي إذا سئل الله به أعطى، وإذا دعي أجاب،فهو أعظم الأسماء الحسنى وأجلها على الإطلاق، كما أنه أيضا من الأسماء المختصة بالله تبارك وتعالى .. يعني بعض أسماء الله عز وجل يمكن أن يسمى بها المخلوق مثل العزيز (وقالت امرأت العزيز)، أما (الله) فلا يمكن أن يسمي به أحد من المخلوقين، فهو اسم مختص بالله تبارك وتعالى.
(الله لا إله إلا هو) هذه أشرف كلمة قيلت على الإطلاق، وهي كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) .. هي أصدق كلمة وأعدل كلمة .. ما قال قائل قط أصدق كلمة من هذه الكلمة .. كلمة الشهادة .. كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) .. ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل ما قلت أنا و النبيون قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له) الحديث.
الله لا إله إلا هو: أي لا معبود بحق سواه.
ثم قال: (الحي القيوم): الحي: الذي له الحياة الكاملة من كل وجه، فهي حياة لم تسبق بعدم.
المخلوق حي يوصف بالحياة .. ولكن الفرق بين حياة المخلوق وحياة الخالق .. حياة الخالق لم تسبق بعدم، هو الأول، ولا يلحقها عدم، وهو الآخر، ولا يعتريها نقص بوجه من الوجوه ..
حياة المخلوق مسبوقة بالعدم، ويعقبها الفناء والعدم .. يموت الإنسان، ويعتريها النقص والضعف والخلل بما يحصل للإنسان من الأوجاع والأمراض التي تكون ضعفا في حياته، إضافة إلى السنة والنعاس والنوم، لأن النوم في الواقع هو موتة صغرى .. فنحن حينما ننام، فنحن في الواقع نموت في كل يوم، بل قد نموت في كل يوم عدة مرات، فهذا نقص في حياتنا في الواقع، وإن كان بالنسبة للمخلوق الضعيف الفقير المحتاج يعد النوم كمالا في حياته، لأنه لو لم ينم لكان ذلك علة ومرضا يستدعي ذهابه إلى الأطباء .. فهذا كمال، ولكنه ليس كمالا مطلقا، بل هو كمال نسبي يليق بالمخلوق. أما إذا قيمنا هذه الصفة ونظرنا إليها (النوم) من حيث هي، فإنها لا تكون كمالا على سبيل الإطلاق، بل هي كمال نسبي يليق بالمخلوقين فحسب. أما الخالق فلا يليق به النوم جل وعلا، لأن النوم نقص في الحياة، ولهذا قال:
(الله لا إله إلا هو الحي) الذي له الحياة الكاملة، لم تسبق بعدم ولا يلحقها عدم، وهي أيضا لا يعتريها نقص ..
وهنا سؤال .. أن أهل الجنة يخلدون فيها، فهل يرد ذلك على كون الله عز وجل له الحياة الكاملة التي لا يسبقها عدم، فما الجواب؟ ..
بقاؤهم في الجنة .. هل قيامهم بأنفسهم؟! .. لا .. وإنما بإقامة الله عز وجل لهم، فقيامهم مفتقر إلى إقامة غيرهم .. إلى إقامة الله تبارك وتعالى، فهو ليس قياما بنفسه، وإنما قيام بغيره.
أما قيام الله عز وجل وبقاؤه وحياته الكاملة فإنه مقيم لنفسه سبحانه وتعالى ويقيم غيره .. وأنتم تلاحظون هذه المعاني المترابطة فيما يلوح لكم من الأسماء الآتية .. هو يقيم غيره، ولا يفتقر إلى غيره في بقائه وحياته الأبدية. وأما أهل الجنة فإنما بقاؤهم بإبقاء الله لهم .. فهم مفتقرون إليه كل الافتقار.
(الله لا إله إلا هو الحي القيوم) .. تلاحظون أن حرف العطف محذوف بين هذه الأسماء .. فما وجه هذا الحذف؟ لماذا لم يقل الله لا إله إلا هو الحي والقيوم والذي لا تأخذه سنة ولا نوم .. إلى آخره. لماذا لم يذكر العطف؟
إذا تأملنا في كتاب الله عز وجل نجد أن ذكر الأسماء الحسنى لا يذكر معه حرف العطف إلا في موضعين اثنين:
¥