ثم شرفه في سورة اقرأ بثلاثة أنواع من التشريفات أولها: {?قْرَأْ بِ?سْمِ رَبّكَ} أي اقرأ القرآن على الحق مستعيناً باسم ربك وثانيها: أنه قهر خصمه بقوله: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ ?لزَّبَانِيَةَ}، وثالثها: أنه خصه بالقربة التامة وهو: {وَ?سْجُدْ وَ?قْتَرِب}.
وشرفه في سورة القدر بليلة القدر التي لها ثلاثة أنواع من الفضيلة أولها: كونها: خَيْرًا مّن أَلْفِ شَهْرٍ، وثانيها: نزول: ?لْمَلَـ?ئِكَةُ وَ?لرُّوحُ فِيهَا وثالثها: كونها: سَلاَماً حَتَّى? مَطْلَعِ ?لْفَجْرِ.
وشرفه في سورة: لَمْ يَكُنِ بأن شرف أمته بثلاثة تشريفات أولها: أنهم: خَيْرُ ?لْبَرِيَّةِ وثانيها: أن جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ جَنَّـ?تُ، وثالثها: رضا الله عنهم.
وشرفه في سورة إذا زلزلت بثلاث تشريفات: أولها: قوله: {يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا} وذلك يقتضي أن الأرض تشهد يوم القيامة لأمته بالطاعة والعبودية والثاني: قوله: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ?لنَّاسُ أَشْتَاتاً لّيُرَوْاْ أَعْمَـ?لَهُمْ} وذلك يدل على أنه تعرض عليهم طاعاتهم فيحصل لهم الفرح والسرور، وثالثها: قوله: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} ومعرفة الله لا شك أنها أعظم من كل عظيم فلا بد وأن يصلوا إلى ثوابها ثم شرفه في سورة العاديات بأن أقسم بخيل الغزاة من أمته فوصف تلك الخيل بصفات ثلاث: {وَ?لْعَـ?دِيَـ?تِ ضَبْحاً فَ?لمُورِيَـ?تِ قَدْحاً فَ?لْمُغِير?تِ صُبْحاً}.
ثم شرف أمته في سورة القارعة بأمور ثلاثة أولها: فمن ثقلت موازينه وثانيها: أنهم في عيشة راضية وثالثها: أنهم يرون أعداءهم في نار حامية.
( ........ ) انتهى. وسرد ثلاثيات أخرى على النسق نفسه.
ليس يهمنا هنا مدى صحة هذه الانساق الثلاثية بقدر ما يهمنا توضيح المسار المنهجي .... مع الإشارة إلى أن هذا النسق على فرض كونه إعجازيا فهو غير خاص بسورة الكوثر وإنما هو متعلق بترتيب المصحف أو بقسم منه.
نموذج للتوجه الثالث: تفسير نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي.
بدأ برهان الدين- رحمه الله-تفسير السورة بداية"طبيعية" على قاعدة منهجه في كشف المناسبة وأوجه الارتباط بين السابق واللاحق مكثرا من عبارته العتيدة"ولما ..... "-حتى اقترح بعضهم أن يسمي تفسيره بتفسير" ولما"-ثم خطر للمفسر خاطر غريب جدا هو أن يربط دلالة "إن شانئك هو الابتر" باحداث تاريخية معينة معتمدا على أعداد وإحصائيات فجاء بشيء شبيه بما ابتدعه الحروفيون من السحرة والصوفية، وهذا-كما ترى- عجيب من هذا الإمام الذي لاحقته المصائب بسبب عدائه الشديد للصوفية. فتأمل.
ولا أجد تعليلا ل"شذوذ" برهان الدين عند تفسيره لسورة الكوثر عن نهجه العام السليم من الشطحات غالبا إلا ايمانه أن سورة الكوثر معجزة ولم يكفه ما ذكره العلماء من قبله فبحث عن الخارق الذي تخضع له الأذقان فأتى بالعجائب.
قال رحمه الله:
(ثم إن هذه السورة عشر كلمات في الكتابة إشارة إلى أن تمام بتر شانئه يكون مع تمام السنة العاشرة من الهجرة، وكذا كان، لم تمض السنة الحادية عشر من الهجرة وفي جزيرة العرب إلا من يرى أشرف أحواله بذل نفسه وماله في حبه، وإذا أضفنا إليها الضميرين المستترين كانت اثنتا عشرة، وفي السنة الثانية عشرة من النبوة بايعه صلى الله عليه وسلم الأنصار على منابذة الكفار، وإذا أضيف إلى العشرة الضمائر البارزة الخمسة كانت خمس عشرة، فتكون إشارة إنه صلى الله عليه وسلم عند تمام السنة الخامسة عشر من نبوته يبسط يده العالية لبتر أعدائه وكذا كان في وقعة بدر الرفيعة القدر، ففي ضمائر الاستتار كانت البيعة وهي مستترة، وفي الضمائر البارزة كانت بدر وهي مشتهرة، وإذا أضيف إلى ذلك الضميران المستتران كانت سبع عشرة، وفي السنة السابعة عشرة من نبوته كانت غزوة بدر الموعد، وفى فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالوعد في الإتيان إلى بدر للقاء قريش للقتال ومقارعة الأبطال، فآذنهم الله فلم يأتوا، وإنما اعتبر ما بعد الهجرة من أحوال النبوة عندما عدت الكلمات الخطية العشر لكونها أقوى أحوال النبوة كما أن الكلمات الخطية أقوى من الضمائر وإن اشترك الكل في اسم الكلمات، فلذلك أخذ تمام البتر للشانىء وهو ما كان في السنة الحادية عشرة من هلاك أهل الردة وثبات العرب في صفة الإسلام، ولما
¥