تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ضمت الضمائر البارزة الخمسة - التي هي أقرب من المستترة - إلى الكلمات الخطية وأضعف من الكلمات الخطية اعتبر من أول السورة لمناسبة ما كان من ضعف الحال فيما كان قبل الهجرة، فوازى ذلك السنة الثانية من الهجرة التي كانت فيها غزوة بدر الكبرى، وهي وإن كانت من العظم على أمر بالغ جداً لكنها كانت على وجه مخالف للقياس، فإن حال الصحابة رضي الله عنهم كان فيها في غاية الضعف، ولكونها أول ما وقع فيه النصر من الغزوات لم تكن نفوس المخالفين مذعنة لأن ما بعدها يكون مثلها، فإذا ضم إلى ذلك الضميران المستتران - وهما أضعف من البارز - انطبق العدد على سنة غزوة بدر الموعد في سنة أربع، وهي وإن كانت قوية لكون قريش ضعفوا عن اللقاء لكن كان حالها أضعف من بدر التي وقع فيها القتال وأستر، وكون كلماتها الخطية والاصطلاحية التي هي أبعاض الكلمات الخطية سبع عشرة مؤذن بأن الأمر في {فصلِّ} مصوب بالذات بالقصد الأول إلى الصلوات الخمس التي هي سبع عشرة ركعة، وأن من ثابر عليها كان مصلياً خارجاً من عهدة الأمر، فإذا قصدت في السفر بما اقتضته صفة التربية بالإحسان نقصت بقدر عدة الضمائر سوى الذي وفى الأمر بها لأن الأمر الناشىء عن مظهر العظمة لا يليق فيه التخفيف بنفسه كلمة الأمر، وإذا أضفنا إليها كلمات البسملة الأربعة كان لها أسرار كبرى من جهة أخرى، وذلك أن الكلمات الخطية تكون أربع عشرة إشارة إلى أن ابتداء البتر للأضداد يكون بالقوة القريبة من الفعل بالتهييء له في السنة الرابعة عشرة من النبوة، وذلك عام الهجرة، فإذا أضفنا إليها الضمائر البارزة التي هي أقرب إلى الكلمات الخطية وهي خمسة كانت تسع عشرة، وفي السنة التاسعة عشرة من النبوة وهي السادسة من الهجرة كان الفتح المبين على الشانئين الذي أنزل الله فيه سورة الفتح، فإذا أضفنا إليها الضميرين المستترين كانت إحدى وعشرين وهي سنة ثمان من الهجرة سنة الفتح الأكبر الذي عم العلم فيه بأن الشانىء هو الأبتر، وإذا اعتبرت حروفها المتلفظ بها كانت أربعة وأربعين حرفاً، فإذا ناظرتها بالسنين من أول حين النبوة كان آخرها سنة إحدى وثلاثين من الهجرة، وهي سنة البتر الأعظم لشانئه الأكبر الذي مزق كتابه، وكان مالكاً لبلاد اليمن، وهو قدر كبير من بلاد العرب وكذا لغيرهم مما قارب بلاده، وكانت قريش تجعله من عدادهم كما مضى بيانه في سورة الروم وهو كسرى ملك الفرس، ففيها كان انقراض ملكهم بقتل آخر ملوكهم يزدجرد، كما أنك إذا اعتبرت كلماتها الخطية مع الضمائر البارزة التي هي كلمات اصطلاحية دون ما استتر - فإن وجوب استتاره منع من عده - كانت تسع عشرة كلمة، فإن اعتبرت بها ما بعد الهجرة وازت وقت موت قيصر طاغية الروم في سنة تسع عشرة من الهجرة أهلكه الله، وقد تجهز إلى قتال العرب بالإسكندرية بنفسه، وأمر ألا يتخلف عنه أحد من الروم فكسر الله بموته شوكة الروم، واستأسدت العرب عند ذلك، فكانت الأحرف مشيرة إلى بتر الشانىء من الفرس، والكلمات مشيرة إلى بتر الشانىء من الروم والفرس أولى بإشارة الأحرف لأنهم ليسوا بذوي علم، والروم بالكلمات لأنهم أهل علم، والكلمات أقرب إلى العلم، وإذا اعتبرت أحرف البسملة اللفظية كانت ثمانية عشر حرفاً، فإذا جعلتها سنين من أول النبوة كان آخرها سنة خمس من الهجرة، وفيها كانت غزوة الأحزاب .... )

انتهى كلام البقاعي-غفر الله له ورفع درجاته- ولا يحتاج إلى تعليق.


بعد هذا الاستعراض ننتقل إلى إظهر الوجه الإعجازي لسورة الكوثر الذي وعدنا به ومنهجنا شبيه بالتوجه الأول الذي مثلنا له بما نقله ابن عادل مقتنعين أن الاعجاز ذاتي في سورة الكوثر ولربما اعتمدنا على إحصاءات لكلمات أو ضمائر كما فعل برهان الدين لكن بعيدين كل البعد عن منهجه في استنطاق الأرقام لتخبر عن غيب الأيام.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم.

{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (1) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (2) {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (3)

نبدأ بملاحظات عابرة تتعلق بتناسبات صوتية وحرفية الهدف منها إشعار القاريء أن سورة الكوثر تخفي خلف كلماتها العشر أمورا كثيرة وكثيرة جدا:
-كلمات السورة استنادا إلى الخط والرسم عشر:
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير