تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

{إِنَّا- أَعْطَيْنَاكَ- الْكَوْثَرَ- فَصَلِّ- لِرَبِّكَ- وَانْحَرْ-إِنَّ- شَانِئَكَ- هُوَ- الْأَبْتَرُ}

-الآية الأولى نسيج حرفي مكون من حروف عشر-بدون اعتبار المكرر منها-:

ا-ن-ع-ط-ي-ك-ل-و-ث-ر.

-الآية الثانية هي أيضا مبنية من عشر حروف-بدون اعتبار المكرر دائما-:

ص-ل-ر-ب-ك-و-ا-ن-ح.

-الآية الأخيرة –كما قد يتوقع القاريء-كاختيها أعني العدد نفسه باعتبار نوع الحرف لا أفراده:

ا-ن-ش-ك-ه-و-ل-ب-ت-ر.

ولعل إشارة أخرى تقلل من فرضية الصدفة وهي أن عدد الحروف التي لم تستعمل إلا مرة واحدة عشرة أيضا وهي:

ع-ط-ي-ث-ف-ص-ح-ش-ه-ت.

فلنقف عند هذا الحد دون أن نبني على ما ذكرنا شيئا فهذا المنهج لا يستهوينا في الحقيقة.

الجمل في سورة الكوثر:

لأهل اللغة تقسيمات كثيرة لأنواع الجملة في اللسان العربي لكن المثير للدهشة أن سورة الكوثر الكريمة قادرة على إعطاء مثال عن كل نوع،وتزداد الدهشة أكثر عندما ندخل في الحسبان أن عدد جمل السورة أربعة فقط. ولكنها "الكوثر": اسما ومسمى.

1 - تنقسم الجمل عند أهل اللسان –عند أهل البيان منهم خاصة-إلى نوعين:

جمل خبرية وجمل انشائية.

وإذا تدبرت سورة الكوثر وجدت فيها النوعين معا:

إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ.

إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ.

جملتان خبريتان.

فَصَلِّ لِرَبِّكَ.

وَانْحَرْ.

جملتان إنشائيتان طلبيتان.

2 - تتعاقب الجمل في الكلام العربي وفق نظام الوصل والفصل وقد افرد علماء المعاني هذا النظام بمبحث خاص سموه باب الوصل والفصل واعتبروه أم البلاغة وقلبها .... ويعنينا هنا أن سورة الكوثر قادرة على إعطاء مثالين للمفهومين:

فجملة"انحر" معطوفة بالواوعلى جارتها" فَصَلِّ لِرَبِّكَ."وهذا الوصل.

وهي منقطعة عن الجملة اللاحقة إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ. وهذا الفصل.

3 - يقسم أهل النحو الجملة العربية إلى قسمين:

جمل اسمية وجمل فعلية.

وقد اشتملت السورة الكريمة على النوعين كما لا يخفى على أحد.والجمل التي ذكرناها عن الخبر والانشاء تمثل باعتبار آخر الاسمية والفعلية.

استطراد:

القسمة ثنائية عند الجمهور فالجمل عندهم إما فعلية وإما اسمية ... وقد حاول بعض النحاة قديما وحديثا أن يزيد قسما ثالثا ولكن هذه الزيادة لم تكن مقنعة:

فالزمخشري اقترح نوعا ثالثا هي الجملة الشرطية لكنها لم يرتضها غيره. قال ابن هشام في المغني:

وزاد الزمخشري وغيره الجملة الشرطية والصواب أنها من قبيل الفعلية.

وابن هشام نفسه اقترح في المغني نوعا ثالثا هو الجملة الظرفية لكنها لم تلق قبولا حسنا من الدسوقي، فقال في حاشيته على المغني:

(قوله:إلى اسمية وفعلية وظرفية) هذا تقسيم أصلي للجملة ولكن في الحقيقة أن الظرفية ترجع لما قبلها من الاسمية والفعلية لأنك إما أن تقدر عامل الظرف كائن أو استقر.

والصواب مع الجمهور لأن النوعين الجديدين يمكن إرجاعهما إلى النوعين الأصلين وتقيل الأقسام مطلوب كما هو معلوم.

فصح عندنا أن نقول إن سورة الكوثر احتوت نوعيا كل العربية.

4 - يقسم أهل اللغة الجملة باعتبار بنيتها إلى قسمين: بسيطة ومركبة وقد يعتمدون اصطلاحا مغايرا- قريبا وليس مرادفا-

فيقولون: جملة صغيرة وكبيرة. قال في المغني:

الكبرى هي الاسمية التي خبرها جملة نحو" زيد قام أبوه" و"زيد أبوه قائم"

والصغرى هي المبنية على المبتدأ كالجملة المخبر بها في المثالين.

ولك أن تعجب من سورة الكوثر فهي لم تقدم مثالا عن كل نوع فقط بل قدمت مثالا ثالثا لجملة تحتمل النوعين بحسب وجهة النظر:

- إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ: جملة مركبة أو كبرى ف أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ جملة صغيرة في محل رفع خبر للجملة الأصلية.

- فَصَلِّ لِرَبِّكَ. جملة تامة صغيرة فيها اسناد واحد.

أما جملة: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ..... فهي من المرونة بحيث تضعها حيث شئت: فلو اعتبرت "هو"ضمير فصل و"الأبتر" خبرا عن الشانيء فالجملة بسيطة لا محالة.ولو اعتبرت "هو"مبتدأ و"الأبتر" خبره ومجموعهما خبرا للشانيء فالجملة كبرى ضرورة. فلله در هذه السورة.

الضمائر في سورة الكوثر:

استوعبت سورة الكوثر كل أنواع الضمير في اللغة العربية دون أن تغفل الأحوال الإعرابية المختلفة وهذا من العجب العجاب لأننا نضع نصب أعيننا دائما أن عدد مفرداتها لا تتجاوز عدد أصابع الإنسان، وتفصيله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير