بورك فيك ياجنيد على نقل هذا النص المترجم، ففيه فوائد نفيسة في تحقيق اسم مؤلف أكثر من كتاب، ولعل من له عناية بكتاب (الواضح في تفسير القرآن) المنسوب لأبي محمد عبدالله بن محمد بن وهب الدينوري (المتوفى عام308هـ) أن يواصل تحقيق هذه النسبة، والتعريف بالكتاب، فصعوبة إثبات اسم المؤلف ظاهرة من هذا النقل الذي نقله الجنيد حفظه الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Mar 2006, 04:27 م]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. شكر الله للشيخ الفاضل عاصم جنيدالله القارئ هذا الجهد العلمي الدقيق الذي يدل على طول باعه في البحث العلمي في الدراسات القرآنية، ولا غرو فهو من بيت عِلْمٍ وفضلٍ، وهو تلميذٌ ملازمٌ للأستاذ الدكتور المقرئ أبي مجاهد عبدالعزيز بن عبدالفتاح القارئ حفظه الله، وبينهما صلة قرابة وثيقة، وقد استفدت من مشاركاته في هذا الملتقى كثيراً، وقرأت البحث المترجم الذي أتحفنا به أربع مرات فجزاه الله خيراً وأحسن إليه لقاء إحسانه إلى الباحثين وطلاب العلم، وقد حاولت استخلاص أبرز النقاط في البحث السابق، وخرجت بالآتي مع بعض الأسئلة:
- الباحث محمد كاظم رحمتي يرجح أن مؤلف كتاب (المباني في نظم المعاني) هو أبو محمد أحمد بن محمد بن علي العاصمي (الذي عاش نحو العام 425هـ)، ولكن لم يذكر اسم بسطام في اسمه ولا جعفر، كما ذكر الدكتور غانم الحمد في بحثه. ويدور في ذهني سؤال حول احتمال أن يكون العاصمي هذا هو ابن بسطام نفسه، لكن هذا يحتاج إلى تتبع ترجمة العاصمي هذا في موارد كثيرة للكشف عن حقيقته، وقد حاولت ذلك في قاعدة (خزانة التراث) التي أصدرها مركز الملك فيصل مشتملةً على فهارس المخطوطات في العالم، ولم أجد له ذكراً.
- كتاب (زين الفتى في تفسير سورة هل أتى) لأحمد بن محمد العاصمي أيضاً.
- أن كتاب (فيه ما فيه) كتاب تفسير لأبي سهل محمد بن محمد بن علي الطالقاني الأنماري الكرامي.
- تفسير (الفصول) صنفه أبو محمد عبدالوهاب بن محمد الحنفي (أو الحنيفي)، وهو معاصر للعاصمي وقد بحثت عنه في قاعدة (خزانة التراث) التي أصدرها مركز الملك فيصل فوجدتها منسوبة لعبدالوهاب بن محمد بن ابراهيم البوني المتوفى في القرن الخامس برقم 1844 في المكتبة المركزية تحت علوم القرآن، وأظنهم يعنون مكتبة جامعة الإمام بالرياض. ومحفوظة في مركز الملك فيصل برقم 2475 - ف. فلعل هذا هو الاسم الصحيح للمؤلف.
- كتاب (الإيضاح في القراءات العشر واختيار أبي عبيد وأبي حاتم) لأبي عبدالله أحمد بن عمر الأندرابي (المتوفى عام470هـ)، وليس بعد 500هـ.
- لدي سؤال: مالمقصود بقول الباحث: (وتقوم السيدة Cornelia Schoeck بتصحيح النسخة العربية من الكتاب بالاعتماد على المخطوطة الوحيدة الموجودة في مجموعة يهودا (جامعة برينستون)، ويؤمل أن يُطبع قريباً). هل المقصود كتاب (مقدمة كتاب المباني) نفسها؟
- في قول الباحث: (وتكمن أهمية كتاب المباني في أنه أتاح فرصة لإصلاح أحد النصوص المهمة المفقودة في مجال العلوم القرآنية ألا وهو كتاب الردّ على من خالف مصحف عثمان) فائدة مهمة، حيث إن كتاب (الرد على من خالف مصحف عثمان لأبي بكر بن الأنباري) من الكتب المفقودة، وقد كتب الدكتور غانم قدوري الحمد بحثاً بعنوان (كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان لابن الأنباري) ألقاه في المؤتمر العلمي الأول لجامعة الأنبار بالعراق عام 1992م، ونشره في مجلة الحكمة بعد ذلك في عددها التاسع. قال فيه: (وكادت أخبار هذا الكتاب تنقطع وآثاره تختفي، فلم نسمع أو نقرأ عن وجود نسخة خطية باقية منه، لولا النصوص التي نقلها أبو عبدالله محمد بن أحمد القرطبي (ت671هـ) في تفسيره المشهور (الجامع لأحكام القرآن) ... ولم أجد من نقل عن الكتاب بعد القرطبي غير السيوطي) [ص 235 من عدد مجلة الحكمة رقم 9] فهو لم يطلع على هذه النصوص التي في كتاب المباني أثناء بحثه هذا كما يظهر لي.
- في قول الأندرابي: (واعلموا أسعدكم الله أن القرآن قد كان مجموعاً على عهد رسول الله صلي الله عليه، فانه ما نزلت آية الا و قد امر رسول الله صلي الله عليه من كان يكتب له أن يضعها في موضع كذا من سورة كذا وما نزلت سورة إلا وقد أمر الكاتب أن يضعها بجنب سورة كذا، يدل علي ذلك ما اخبرنا به ابوبكر محمد بن عبدالعزيز ... (مخطوطة الإيضاح، 23أ).») تأكيد أن الجمع الأول للقرآن الكريم كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا نص ٌ ثمين لقلة من نص على ذلك من المؤلفين المتقدمين.
- أن العاصمي مؤلف كتاب (زين الفتى) قد ذكر في كتابه هذا كتباً أخرى له هي:
1 - ديباج المذكرين.
2 - الإبانة والإعراب.
3 - المباني لنظم المعاني.
وفي كتابه (زين الفتى) إحالات كثيرة إلى كتابه (المباني لنظم المعاني) ولذلك قال الباحث بعد النقولات: (مع هذه التصريحات، لا يتبقّى أيّ شك في انتساب كتاب المباني لنظم المعاني- المطبوع من قبل جفري- إلى العاصمي. كما نستنتج أن نص الكتاب هو أكمل من النسخة الحالية المتوفرة).
وفي الختام يظهر لي - بحسب بحث كاظم رحمتي المنقول - أن نسبة (كتاب المباني في نظم المعاني) لأبي محمد أحمد بن محمد بن علي العاصمي، أرجح من نسبته لأبي محمد حامد بن أحمد بن جعفر بن بسطام المتوفى بعد سنة 425هـ. كما توصل الدكتور غانم قدوري الحمد، لصراحة أدلة نسبته للعاصمي، إلا إن أثبت البحث العلمي بطريقة أو بأخرى أن العاصمي هذا هو ابن بسطام، وأن الأمر لا يعدو أن يكون اختلافاً بين أهل التراجم في اسم هذا المؤلف، وهذا أمرٌ يحتاج إلى بحث طويل في كتب التراجم.
¥