فَإِن طِبْنَ لَكُمْ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 07:54 م]ـ
قوله تعالى
(وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً) 4 البقرة
لاحظوا يرحمكم الله قوله تعالى (فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً) فإن إعطاء الزوجة جزءا من مهرها أو مالها لزوجها يجب أن يكون بطيب نفس منها لا بمجرد أن تهب وتسامح--أعني تعطي وهي سعيدة بما أعطت تماما كما يكون الوالد عندما يعطي أبناءه واستخدم التمييز " نفسا" للدلالة على استغراق الطيب لكل النفس كقوله (واشتعل الرأس شيبا) فالشيب عمّ الرأس
ورد في القرطبي (روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية "فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه" فقال: (إذا جادت لزوجها بالعطية طائعة غير مكرهة لا يقضي به عليكم سلطان، ولا يؤاخذكم الله تعالى به في الآخرة)
بقيت نقطة أنّ من هنا للتبعيض فلا تطيب النفس بإعطاء الزوج كلّ المهر--ويستشف أنّ طيب النفس يكون بالقليل من المهر بدلالة استخدامه حرف التبعيض " من"
ولست أدري لم اختار اللسان اعتبار من للجنس إذ قال (وتكون للجنس كقوله تعالى: فإن طِبْنَ لكم عن شيء منه نَفْساً. فإن قيل: كيف يجوز أَن يقبل الرجلُ المَهْرَ كله وإِنما قال منه؟ فالجواب في ذلك أَنَّ مِنْ هنا للجنس)
والأظهر أنّها للتبعيض
ـ[ابن خالوية]ــــــــ[07 - 10 - 2005, 10:57 م]ـ
الأخ العزيز والأستاذ القدير جمال
السلام عليكم:
أحببت أن أتداول معك في هذا الرأي، وأن تنجاذب أطراف الحديث.
أولاً: ..... عن شيءٍ منه نفساً، هي مثيل قوله تعالى واشتعل الرأس شيباً.
فالله عز وجل لم يقل أشتعل الشيب في الرأس. وهو في قوله تعالى {واشتعل الرأس شيباً} قد أسند الفعل إلى الرأس، وجعل (شيباً) تمييزاً. وفي هذا دلالة على أن الشيب قد أتى على كل الرأس، أي أن شعر الرأس كله قد صار أشيباً. ولو كانت الصيغة (أشتعل الشيب في الرأس) بإسناد الفعل إلى الشيب فذلك لا يحمل دلالة أمتلاء الرأس كله شيباً. وآتي بمثال به يتضح المقال؛ فلو قلنا أشتعلت النار في البيت، فأنها عبارة تفيد اشتعال النار في بعض البيت وليس في كله، بينما لو قلنا اشتعل البيت ناراً، لإنها عبارة تفيد أن النار قد أتت على كل البيت.
وعليه فإن الآية الكريمة { .... منه نفساُ} لتدل كل الدلالة على أنه يجب على الزوجة أن تكون راضية كل الرضى القلبي والنفسي، وليس فقط القولي، بإعطاء زوجها شيئاُ من صداقها. وأقول شيئاً من صداقها وليس كل صداقها، وعلى الزوج أن يتحقق من هذا الرضا، وأن يحترز كل الإحتراز عن أخذ شيء من صداقها قبل طيب نفسها.
ثانياً: حول أن (من) للتبعيض.
فـ (من) هنا قد جاءت للتبعيض وليس للجنس كما ساق لسن العرب استدلاله حول (تبعيضها). والسبب:
جاء في تفسير الكشاف للزمخشري:
وقيل: فإن طبن لكم عن شيء منه، ولم يقل عن فإن طبن عن لكم عنها، بعثاً لهنَّ على تقليل الموهوب. وعن الليث بن سعد: لايجوز تبرعها إلا باليسير. ويجوز أن بكون تذكير الضمير لينصرف إلى الصداق الواحد فيكون متناولاً بعضه، ولو أنَّث لتناول ظاهر هبة الصداق كله لأن بعض الصدقات واحدة منه فصاعداً.
وفي تفسير النسفي:
(عن شيء منه) أي من الصداق إذ هو في معنى الصدقات.
وجاء في كتاب الجنى الداني في حروف المعاني للمرادي حول حرف (من) ما يلي:
من للتبعيض؛ نحو {منهم من كلم الله} وعلامتها جواز الإستغناء عنه بـ (بعض). ومجيئها للتبعيض كثير.
أنتهت النقول من كتب العلماء.
وعليه تكون (من) في هذه الآية للتبعيض وليست للجنس.