تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[13 - 10 - 2005, 06:49 م]ـ

:::

قوله تعالى (وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (112 النساء

الخطيئة ما هي؟

وهل الخطيئة هي الإثم؟

وإن كانت كذلك فلم ذكر الأثم بعد ذكره للخطيئة؟

بانتظاركم

ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 01:32 ص]ـ

(وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (112 النساء

قيل: هما بمعنى واحد كرر للتأكيد. (وهذا الرأي أستبعده إذ لا يوجد في القرآن تكرار، فكل كلمة وضعت لمعنى يخصها ولا يمكن لنا حتى لو أدرنا ألسنتنا على لسان العرب، على أن نأتي بكلمة توضع مكانها لم وجدنا إلى ذلك سبيلا. وحتى الحرف فلا ياتي حرف مكان حرف. والموضع ليس موضع بسط وبحث).

وقال الطبري: إن الخطيئة تكون عن عمدٍ وعن غير عمدٍ، والإثم لا يكون إلا عن عمد.

وقال الزمخشري: الخطيئة: الصغيرة، والإثم: الكبيرة.

وجمع بين التفسيرين البيضاوي: الخطيئة: صغيرة أو ما لاعمد فيه. والإثم: كبيرة أو ما كان عن عمد.

وقال النسفي: خطيئة: صغيرة أو ذنب بينه وبين ربه. إثما: كبيرة أو ذنب في مظالم العباد.

وعند أبي هلال العسكري في كتاب الفروق اللغوية: أن الخطيئة قد تكون من غير تعمد، ولا يكون الإثم إلا تعمداً، ثم كثر ذلك حتى سميت الذنوب كلها خطايا، كما سميت إسرافاً، وأصل الإسراف مجاوزة الحد في الشيء.

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[15 - 10 - 2005, 03:17 ص]ـ

بارك الله في كاتب هذا الموضوع ..

وجازى الله المعقّب عليه خيراً ..

ولعلّي أضيف بعض ما يسّره الله لي على ما قيل، لتعمّ الفائدة في بيان الفرق اللغوي بين الخطيئة والإثم ..

فأقول وبالله التوفيق إن الإثم قد ورد له تعريف جامع في السُنّة الشريفة .. فعن النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البِرّ والإثم، فقال: البِرّ حُسن الخُلُق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطّلع عليه الناس (التاج الجامع للأصول، ج5، ص3).

فالإثم بناء على الحديث يحمل إحدى صورتين:

الأولى: التخطيط والتدبير لأفعال السوء.

الثانية: اقتراف المنكر وكتمان ذلك عن الناس، وخشية المرء أن يطّلع على سرّه أحد.

ومن هنا فإن الإثم يسبّب الضرر لمقترفه وللأمّة جميعاً ..

والضرر قد يصل إلى المرض الخطير ..

وقد قيل في تفسير قوله تعالى: " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا " (البقرة: 219)، أن الإثم هو الضرر.

وقيل في معناه أيضاً – فيما رُوي عن ثعلب: كانوا إذا قامروا فقمروا أطعموا منه وتصدّقوا، فالإطعام والصدقة منفعة، والإثم القمار وهو أن يهلك الرجل ويذهب ماله. وليس أشدّ ضرراً من أن يهلك رجل ويذهب ماله نتيجة اقترافه عملاً ما.

وآيات القرآن الكريم تبيّن أن الإثم بهذا المعنى أوسع من الخطيئة ..

فالخطيئة هي الفعل الخاطيء الذي يقترفه الإنسان، وهي غالباً ما يندم عليها ويتمنّى ألا يعود إليها، وهي ليست في خطورة الإثم وفي تأثيره على المجتمع ككل ..

قال صاحب الأشباه والنظائر: ورد تفسير الإثم على خمسة وجوه: فوجه منها الإثم يعني الشرك، والوجه الثاني الإثم يعني المعصية، والوجه الثالث الإثم يعني الذنب، والوجه الرابع الإثم يعني الزنا، والوجه الخامس الإثم يعني الخطأ. ومن هذا النصّ يظهر أن الخطأ هو بعض الإثم. وأن دائرة الإثم تتّسع لتشمل الكبائر.

والواقع أن آيات القرآن الكريم ربطت بين الإثم والكبائر العديدة، مما يدلّ على أنه عمل منكر، وتصرّف بعيد عن الصواب ..

قال تعالى في وصف عباد الرحمن: " وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا " (الفرقان: 68 - 69).

ولا شكّ أن الشرك بالله وقتل النفس والزنا من أشدّ المنكرات وأكبر الكبائر.

وقال تعالى: " وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ " (البقرة: 188).

وهو أكل مال اليتامى.

وقال تعالى: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ " (المجادلة: 8)

وقال تعالى: " انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا " (النساء: 50)

وفي خطأ من يكتم شهادة الحق، قال تعالى: " وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ " (البقرة: 283).

وكتمان شهادة الحق هو في الحقيقة شهادة زور، لأن عدم التصريح بالحق هو نشر للباطل والكذب ..

فكل تلك الآيات تبيّن إلى أي حدّ يسبّب الإثم ضرراً في الحياة الإنسانية.

والله تعالى أعلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير