[قصة إعجاز]
ـ[بدوي فصيح]ــــــــ[16 - 01 - 2006, 11:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكروا أن الفيلسوف الكِنْدي قال له أصحابه: أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن.
فقال: نعم أعمل مثل بعضه. فاحتجب أيامًا كثيرة ثم خرج إليهم
فقال: والله ما أقدر ولا يطيق هذا أحد,
إني فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة, فنظرت فإذا هو نطق بالوفاء ونهى عن النكث, وحَلل تحليلاً عاماً, ثم استثنى استثناءًا
ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين, لا يقدر أحد أن يأتي بهذا إلا في أجلاد. أي: مجلدات كثيرة.
قال تعالى {يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم
غير محلى الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم مايريد}
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 01 - 2006, 12:56 ص]ـ
بارك الله فيكم - أخي بدوي فصيح!
وجوزيتم خيراً على هذه اللفتة البيانية الماتعة ..
وصدق من قال إن غالب الفلاسفة مشوّشين .. يعني: مرضى قلوب ..
ولهذا يقول ابن تيمية - رحمه الله: هم في منزلة المنافقين في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ..
فالفلسفة تبدأ أولاً بترك القرآن .. بعدين بترك صلاة الفجر .. بعدين بترك صحيحي البخاري ومسلم .. بعدين يبدأ يحدّثك عمّا وراء الطبيعة .. وكذا عن العَرَض والجوهر .. ثم ينتقل بك من داخِل العالَم إلى خارج العالَم .. إلى أن يخرج عقله من رأسه!
وبالنسبة لآية المائدة الكريمة فلقد شملت حقاً أحكاماً عدّة، منها الوفاء بالعقود، ومنها تحليل بهيمة الأنعام، ومنها استثناء ما سيُتلى ممّا لا يحلّ، ومنها تحريم الصيد على المحرِم، ومنها إباحة الصيد لمن ليس بمحرِم ..
يقول الشوكاني - رحمه الله: هذه الآية التي افتتح الله بها هذه السورة إلى قوله تعالى: "إن الله يحكم ما يريد"، فيها من البلاغة ما تتقاصر عنده القوى البشرية ..
ـ[سليم]ــــــــ[17 - 01 - 2006, 07:53 م]ـ
السلام عليكم
حقًا أخي لؤي الطيبي إن الفلاسفة غير مأموني العواقب فاسمع الفيلسوف (ابن عربي) ماذا يقول:
وقد صار قلبي قابلاً كل صورة = فمرعىً لغزلان ودَير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف = وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت= ركائبه فالحب ديني وإيماني
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 01 - 2006, 08:35 م]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب سليم ..
ولو أن هذا الصنف من الفلاسفة عرفوا تصرّف علمائنا وفقهائنا في مسائلهم، ووقفوا على غَورهم في نظرهم وغوصهم في استنباطهم، وحسن تأويلهم لِمَا يَرِد عليهم، وسَعة تشقيقهم للوجوه المحتملة والكنايات المفيدة والجهات القريبة والبعيدة، لحقّروا أنفسهم، وازدرَوْا أصحابهم، ولكان ما ذهبوا إليه وتابعوا عليه أقلّ في أعينهم من السُّها عند القمر، ومن الحصا عند الجبل.
والكِنديُّ - الذي يُعتبر علماً عند الفلاسفة - قالوا له يوماً: أخبرنا عن اصطكاك الأجرام وتضاغط الأركان؟ هل يدخل في باب وجوب الإمكان؟ أو يخرج من باب الفقدان إلى ما يخفى عن الأذهان؟
وقالوا له أيضاً: ما نسبة الحركات الطبيعية إلى الصور الهيولانية؟ وهل هي ملابِسة للكيان في حدود النظر والبيان، أو مزايلة له مزايلة على غاية الإحكام؟
وقالوا له: ما تأثير فقدان الوجدان في عدم الإمكان عند امتناع الواجب من وجوبه في ظاهر ما لا وجوب له لاستحالته في إمكان أصله؟
ولقد قرأت جوابه عن جميع هذا، فما كان إلا على غاية الرّكاكة والضعف والفساد والفسالة والسُّخف. ولولا التوقّي من التطويل لسردت ذلك كله ..
ولقد مرّ بي في أحد كتبه: التفاوت في تلاشي الأشياء غير محاط به، لأنه يلاقي الاختلاف في الأصول والاتفاق في الفروع، وكل ما يكون على هذا النهج فالنكرة تزاحم عليه المعرفة، والمعرفة تناقض النكرة، على أن النكرة والمعرفة من باب الألبسة العارية من ملابس الأسرار الإلهية، لا من باب الإلهية العارضة في الأحوال البشرية.
وإن هذا القول المفبرك ليُضحك الثكلى ويشمت العَدوَ ويغرّ الصديق ..
وما ورث هذا كله - هو وأصحابه - إلا من بركات يونان، وفوائد الفلسفة والمنطق ..
ونسأل الله عصمة وتوفيقاً نهتدي بهما إلى القول الراجع إلى التحصيل، والفعل الجاري على التعديل، إنه سميع مجيب.
ـ[بدوي فصيح]ــــــــ[15 - 02 - 2006, 01:28 م]ـ
اشكركما على هذه التعليقات الرائعة وعلى إثراء الموضوع.