تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أين يكمن إعجاز القرآن؟]

ـ[سليم]ــــــــ[22 - 02 - 2006, 08:52 م]ـ

السلام عليكم

يعلم الجميع ان إعجاز القرآن في بلاغته الى أن يرث الله الارض ومن عليها, ويعلم الجميع أن الله تحدى الانس والجن على ان يأتوا بمثله, والجميع يدرك ان الانبياء والرسل من قبل ايّدهم الله بمعجزات مادية, والسؤال هو لما احتص الله عزو جل الاسلام بهذا المعجزة؟

الجواب, قال السيوطي في كتابه:" قال ابن العربي: ولم يصنف مثل كتابه. اعلم أن المعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة، وهي إما حسية وإما عقلية. وأكثر معجزات بني إسرائيل كانت حسية لبلادتهم وقلة بصيرتهم، وأكثر معجزات هذه الأمة عقلية لفرط ذكائهم وكمال أفهامهم، ولأن هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة خصت بالمعجزة العقلية الباقية ليراها ذووا البصائر كما قال صلى الله عليه وسلم ما من الأنبياء نبي إلا أعطى ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أحاه الله إليّ، فأرجوأن أكون أكثرهم تابعاً أخرجه البخاري. قيل إن معناه: إن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم، فلم يشهدها إلا من حضرها ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة، وخرقه العادة في أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات، فلا يمر عصر من الأعصار إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه. وقيل: المعنى أن المعجزات الواضحة الماضية كانت حسية تشاهد بالأبصار كناقة صالح وعصا موسى، ومعجزات القرآن تشاهد بالبصيرة فيكون من يتبعه لأجلها أكثر، لأن الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده، والذي يشاهد بعين العقل باق يشاهده كل من جاء بعد الأول مستمراً. قال في فتح الباري: ويمكن لنظم القولين في كلام واحد، فإن محصلهما لا ينافي بعضه بعضاً، ولا خلاف بين العقلاء أن كتاب الله تعالى معجز لم يقدر أحد على معارضته بعد تحديهم بذلك، قال تعالى وإن أحد من لمشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله فلولا أن سماعه حجة عليه لم يقف أمره على سماعه، ولا يكون حجة إلا وهومعجزة. وقال تعالى وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم فأخبر أن الكتاب آيات من آياته كاف في الدلالة قائم مقام معجزات غيره وآيات من سواه من الأنبياء، ولما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وكانوا أفصح الفصحاء ومصاقع الخطباء، وتحداهم على أن يأتوا بمثله وأمهلهم طول السنين فلم يقدروا كما قال تعالى فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ثم تحداهم بعشر سور منه في قوله تعالى أم يقولون افتراه قل فائتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا إنما أنزل بعلم الله ثم تحداهم بسورة في قوله (أم يقولون افتراه قل فائتوا بسورة مثله) الآية، ثم كرر في قوله (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فائتوا بسورة من مثله) الآية، فلما عجزوا عن معارضته والإتيان بسورة تشبهه على كثرة الخطباء فيهم والبلغاء نادى عليهم بإظهار العجز وإعجاز القرآن قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولوكان بعضهم لبعض ظهيراً فهذا وهم الفصحاء اللد وقد كانوا أحرص شيء على إطفاء نوره وإخفاء أمره، فلوكان في مقدرتهم معارضته لعدلوا إليها قطعاً للحجة، ولم ينقل عن أحد منهم أنه حدث نفسه بشيء من ذلك ولا رامه، بل عدلوا إلى العناد تارة وإلى الاستهزاء أخرى، فتارة قالوا سحر، وتارة قالوا شعر، وتارة قالوا أساطير الأولين، كل ذلك من التحير والانقطاع، ثم رضوا بتحكيم السيف في أعناقهم وسبي ذراريهم وحرمهم واستباحة أموالهم، وقد كانوا آنف شيء وأشده حمية، فلوعلموا أن الإتيان بمثله في قدرتهم لبادروا إليه لأنه أهون عليهم. كيف وقد أخرج الحاكم عن ابن عباس قال: جاء الوليد بن المغيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً ليعطوكه لئلا تأتي محمداً لتعرض لما قاله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك كاره له، قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا بزجره ولا بقصيده ولا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير