تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أدب المشي في القرآن]

ـ[أحلام]ــــــــ[12 - 12 - 2005, 11:55 م]ـ

[أدب المشي في القرآن]

في القرآن الكريم فقد جاء ذكر أدب المشي في القرآن الكريم في عدد من السور مثل سورة " لقمان " وسورة " الفرقان ". قال الله سبحانه وتعالى عن وصية لقمان لولده: (ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختاالٍ فخور. واقصد في مشيك واغضض من صوتك. إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير) [لقمان:18،19].

ومعنى قول الله سبحانه وتعالى: (ولا تمش في الأرض مرحا) [لقمان: 18] يعني مشية الخيلاء، أي لاتمش متكبّراً جبّاراً عنيداً، فإن فعلت ذلك أبغضكَ الله. ولهذا قال عزّ من قائل: 9إن الله لا يحب كل مختال ٍ فخور. والمختال: المُعْجب في نفسه، والفخور: أي على غيره.

وأوصى لقمان ولده بقوله) واقصد في مشيك **ي إمش مشياً مقتصداً ليس بالبطئ المتثبط، ولا بالسريع المفرط، بل عدلاً وسطاً بين بين. هذا ماذكره الحافظ ابن كثير رحمه الله.

وقال العلامه الآلوسي - رحمه الله - في شرحه " روح المعاني" قال: ولا تمش في الأرض التي هي أحط الأماكن منزلة، مرحاً: أي فرحاً وبطرا. (إن الله لا يحب كل مختال فخور) هذا هو التعليل للنهي. والمختال: من الخُيلاء، وهو التبختر في المشي كِبْراً. ولذلك قيل أن إشتقاق إسم الخيل من الخُيلاء، لأنه ماركبها أحد إلا وجد في نفسه نخوة .. فسمّيت الخيل خيلاً من هذا. وفي قوله تعالى: 0واقصد في مشيك - قال رحمه الله: بعد الإجتناب عن المرح فيه، أي التوسط فيه بين الدبيب والإسراع، من القصد وهو الإعتدال، قال ابن مسعود: كانوا يُنهون عن خبب اليهود، ودبيب النصارى، ولكن مشياً بين ذلك. وفي النهاية أن عائشة نظرت إلى رجلٍ كاد يموت تخافتاً، فقالت: مال هذا؟ فقيل: إنه من القُرّاء قالت: كان عمر رضي الله عنه سيّد القرّاء وكان إذا مشى أسرع، وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوجع. فالمراد إذاً بالإسراع هنا: مافوق دبيب التماوت. وعلّق في الحاشية: ورأى عمر - رضي الله عنه - رجلاً متماوتاً. فقال له: لأتُمْت علينا ديننا أماتك الله تعالى، ورأى رجلاً مطئطئاً فقال إرفع رأسك فإن الإسلام ليس بمريض.

فإذاً مشي التماوت الذي يخفى فيه الصوت، وتقل الحركات، ويتزيى صاحبه بزيّ العُبّاد، وكأنه يتكلف في إتصافه بما يقربه من صفات الأموات، ليوهم أنه ضَعُف من كثرة العبادة، وكأن هذا الذي يمشي مشية التماوت يريد أن يقول للناس: أن من كُثْر عبادتي وصيامي فإنني متعب في المشي، وهذا من أنواع الرياء، لأن المسلم مطالب بإخفاء عمله، والسلف رحمهم الله كان بعضهم من كثرة الصيام يصفرُّ لونه، فكانوا يدّهنون بالدهن حتى لا يظهر جفاف الشفاه ولصوق الجلد من كثرة الصيام، ليكون صيامهم خفيّاً، وهو أقرب إلى الله عزوجل. فمشية التماوت التي يُظهر صاحبها بها أنّه مُتعب من شدّة العبادة فهذا أمر مذموم، وورد في صفته صلى الله عليه وسلم (أنّه إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وأنه يمشي بشيء من الإسراع، وأنه يتقلّع تقلُّعاً) وهذا لا يتنافي مع قوله تعالى ? واقصد في مشيك ?، ولايتنافى مع قوله تعالى?وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ? [لقمان:63] قال الآلوسي رحمه الله: إذ ليس الهون فيه المشي كدبيب النمل. وذكر بعض الأفاضل: أن المذموم إعتياد الإسراع بالإفراط فيه. وقال البخاري: محل ذم الإسراع، مالم يُخش من بُطء السير تفويت أمر ديني، والإسراع المذهب للخشوع لإدراك الركعة مع الإمام مما لا ينبغي. وعن مجاهد: أن القصد في المشي التواضع فيه. وقيل: جعل البصر موضع القدم. فإنّ من عيوب المشي أن يتلفت الإنسان وهو يمشي يميناً وشمالاً ويتفرّج، فلربما وقعت عيناه على إمرأه أو نظر محرّم أو نحو ذلك، وقد ذكروا في مواضع في مسألة غض البصر عن رجل كان يمشي وينظر إلى امرأه وهو يمشي بجانب الطريق فارتطم بعمود فسال دمه من هذه الصدمة، وقيل جعل البصرموضع القدم.

و قال: "واقصد في مشيك": أن القصد من أقصد الرامي إذا سددّ سهمه نحو الرميّة و وجّهه إليها ليصيبها. أي سدد في مشيك، والمراد إمشى مشياً حسناً، وكأنه أريد التوسط به بين المشيين السريع والبطيء.

وذكر الشنقيطي رحمه الله في " أضواء البيان " في تفسير سورة لإسراء: ?إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا? والنهي عن المشي مرحاً قال: أصل المرح: ? ولا تمش في الأرض مرحاء إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا? [الإسراء:37]. قال الشنقيطي - رحمه الله: نهي الله جل وعلا الناس في هذه الآية الكريمة عن التجبّر والتبختر في المشية. وقُريء "مَرَحا " و "مَرِحا " أي لا تمش في الأرض حال كونك متبختراً متمايلاً مشي الجبارين. قال وأصل المرح في اللغة: شدة الفرح والنشاط. واطلاقه على مشي الإنسان متبختراً مشي المتكبرين، لأن ذلك من لوازم شدة الفرح والنشاط عادة. ولا شك أن الذي يمشي مشية الخيلاء والتبختر والتفاخر عرضةٌ لعذاب الله. والدليل على ذلك ماجاء في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره عن بشربن جحاشن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يقول الله تعالي: (ياابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذا. حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بُردين وللأرض منك وئيد - يعني هذا مشي الجبّارين المتغطرسين - فجمعت ومنعت - أي جمعت الأموال ومنعت الفقراء - حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق وأنّى أوان الصدقه)؟! ". لأنّه إذا بلغت الروح التراقي فلاتوبة ولا تنفذ التصرفات المالية في تلك اللحظة. وكذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (في قصة الرجل الذي كان يمشي متبختراً فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة). فتلك عقوبة الله للمتجبرين في مشيتهم، الذين يمشون مشية الخيلاء والتغطرس، فهم مهددون بعقوبة من الله في الدنيا، ويوم القيامة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يُحشر المتكبرون كأمثال الذر على صور الرجال، يطاهم الناس باقدامهم).

منقول للفائدة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير