تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التفسير البياني لآيات النور في سورة الحديد]

ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[24 - 11 - 2005, 12:05 م]ـ

آيات النور

تفسير بياني للدكتور فاضل صالح السامرائي

من كتاب (على طريق التفسير البياني) الجزء الأول

من سورة الحديد (الآيات من 15 إلى الآية 17)

... "فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" (15)

ذكر الفدية لأنه تكرر في السورة ذكر الإنفاق والدعوة إليه وذكر القرض الحسن والبخل والذين يأمرون به فقال: "فاليوم لا يؤخذ منكم فدية" وقد كان بإمكانكم أن تفدوا أنفسكم في الدنيا بالإنفاق في سبيل الله فلم تفعلوا، والظاهر أن الفدية ههنا تعني المال وإن كانت الفدية عامة في كل ما يفتدى به فقد قال تعالى: "ففدية من صيام أو صدقة أو نسك" البقرة 196

غير أن الذي يرجح معنى المال قوله "لا يؤخذ" ولم يقل (ولا تقبل) والذي يؤخذ هو المال وهو المناسب لجو السورة وما شاع فيها من ذكر للإنفاق والقرض الحسن والله أعلم.

وقال "لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا" مع أن المنافقين من الذين كفروا، ذلك أن المقصود بـ "الذين كفروا" هم الكافرون من غير المنافقين وهم الذين أظهروا كفرهم ولم يستروه [1]، فلا تؤخذ الفدية لا من المنافقين ولا من سائر الكافرين الآخرين.

"مأواكم النار" أي هي دار إقامتكم والمأوى الذي تأوون إليه، والمأوى يعني الملجأ والمكان الذي يحتمى به، فالنار ملجؤهم الذي يأوون إليه.

... "هي مولاكم"

أي هي التي تتولى أمركم فذكر المأوى والمولى، ذلك أن الشر إنما يأتيهم من جهتين: المأوى والمولى. فقد يكون المأوى سيئا غير أن المولى حسن، وقد يكطون العكس، أما هؤلاء فالنار مأواهم ومولاهم.

وقيل إن معنى "هي مولاكم": "هي أولى بكم ... وحقيقة مولاكم محراكم ومقمنكم أي مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم .. ويجوز أن يراد هي ناصركم أي لا ناصر لكم غيرها، والمراد نفي الناصر على الثبات، ونحوه قولهم (أصيب فلان بكذا فاستنصر الجزع) ومن قوله تعالى "يغاثوا بماء كالمهل". وقيل: تتولاكم كما توليتم في الدنيا أعمال أهل النار" [2]

ويجوز أن يكون اشتقاق (المولى) من الولْي وهو القرب، فيكون معنى مولاكم أي مكانكم عن قرب [3].

والمعنيان مرادان فهي تتولى أمرهم، وهي مكانهم عن قرب، ولم يرد في جهنم (هي مولاكم) إلا في هذا الموطن، وذلك لسببين والله أعلم: السبب الأول أنه ذكر في آية الحديد هذه أن المنافقين تربصوا وغرتهم الأماني حتى الموت فبعد طول الأمل والتربص الطويل كانت النار أقرب إليهم فهم كانوا يستبعدونها وهي أقرب إليهم وأدنى من آمالهم.

والسبب الآخر أن كل الآيات الأخرى التي ورد فيها "مأواه جهنم وبئس المصير" ونحوها إنما قيلت وهم في الدنيا، والدنيا لا تزال غير منقضية، وأما هذا القول فإنه قيل وهم في الآخرة وقد ضرب السور بينهم وبين المؤمنين، وأتاهم العذاب من قبله فالنار قريبة منهم فقال: "هي مولاكم".

... "وبئس المصير"

وهذه أنسب خاتمة لهم، فقد كانوا في ترقبهم وأمانيهم ينتظرون المصير الحسن والمستقبل المشرق، فكانت لهم الظلمة والمصير الأسوأ.

إن هذه الآيات يتجلى فيها إكرام المؤمنين وإبعاد النصَب عنهم بخلاف المنافقين فإنما يتجلى فيها إرهاقهم وإهانتهم والتهكم بهم.

فقد قال في المؤمنين

1 ـ (يسعى نورهم): ولم يقل (يمشي نورهم) للدلالة على الإسراع بهم إلى الجنة، وهذا إكرام فإن الإبطاء إلى السعادة ليس كالإسراع إليها، وفي الإسراع ما فيه من الإكرام.

2 ـ أنه تعالى أسند السعي إلى النور ولم يسنده إليهم فلم يقل (يسعون) لأن السعي قد يجهدهم، فأسنده إلى النور فدل على أنه يسعى بهم، فهو لم يقل إنهم يمشون، لأن المشي قد يكون فيه إبطاء، ولم يقل يسعون، لأن سعيهم قد يكون فيه إجهاد، ولكنه أفاد السعي من ذكر سعي النور.

3 ـ قال يسعى نورهم، فذكر الفاعل ولم يقل (يُسعى بهم) بالبناء للمجهول وحذف الفاعل فلا يُدرى أيسعون في ظلمة أم في نور، فذكر أن لهم نورا يسعى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير