[بلاغة الإشارة بين النظرية والتطبيق]
ـ[أبو أنس المليجي]ــــــــ[14 - 10 - 2005, 03:24 م]ـ
بلاغة الإشارة
بين النظرية والتطبيق
للدكتور
سعيد أحمد جمعة
أستاذ البلاغة والنقد المساعد في كلية اللغة العربية
فرع جامعة الأزهر بالمنوفية
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الذي وهب إبراهيم "علي الكبر" إسماعيل وإسحاق، إن ربي لسميع الدعاء ,وأصلي
وأسلم علي المبعوث بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره الكافرون.
أما بعد
فإن الأصل المعتمد في البيان عن المراد هو اللفظ , والبلاغة العربية ما قامت إلا علي الكلام، وآلة ذلك اللسان؛ ولذا كان كل نبي مبلغاً رسالة ربه – في المقام الأول – بلسانه،
ليتم البيان، ويكتمل الإفهام؛ فلا يكون عذر لمعتذر ...
يقول الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (إبراهيم:4)
[فمدار الأمر على البيان والتبيين, وعلى الإفهام والتفهيم, وكلما كان اللسان أبين كان أحمد] (1)
ولما كان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ذا عقدة في لسانه فصار لا يكاد يبين عن مراد الله – سبحانه – دعا ربه قائلاً: (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) (طه:28,27)
فكانت الإجابة من رب العالمين: (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) (طه:36).
وإذا كان اللفظ المنطوق قد حاز هذا القدر من الأهمية في البيان , فمما لا شك فيه أن هناك وسائل بيانية أخرى يعمد إليه البلغاء، ولها من القدر والأهمية ما يقارب قدر اللفظ، أو تساويه
وذلك كالبيان بالإشارة، والبيان بالخط، وبالعقد، وبالحال.
والذي يقلب في البيان العربي كله , نثره وشعره، يلحظ ذلك جيدا ً، وعلي رأس هذا البيان حديث النبي – صلي الله عليه وسلم –
حيث يلحظ حرص الرواة علي نقل ألفاظه وإشاراته وأحواله ..
تري الراوي مثلاً يقول:
قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم – كذا – وأشار بإصبعيه، أو أشار إلي الأرض، أو وأشار إلي جهة كذا ...... إلخ.
وهذه النصوص التي حرص الرواة علي نقلها ليست من العبث , كما أنها ليست من النوافل في عالم البيان، بل إن لها دوراً فاعلاً في الدلالة وبلاغتها قد لا يقل عن دور الكلمة، لذلك نقلها الرواة كما هي.
ولأجل كل هذا:
يحاول هذا البحث الكشف عن بلاغة الإشارة في اللغة وبخاصة في بيان النبي – صلي الله عليه وسلم - .......
وهل يمكن الاكتفاء بها في البيان أو أنها تحتاج إلي وقوف اللفظ بجوارها؟
وفي أي الأساليب تكثر؟ وفي أي الأغراض تبرز؟
وهل من الممكن اصطناع بلاغة للإشارة , خاصة بها؟
هذا – وقد اختط البحث لنفسه منهجاً ذا شقين:
الأول: منهج نظري نقدي يقف عل الإشارة عند علماء البلاغة وكيفية تناولهم لها.
والآخر: منهج تحليلي موجز يصطفي من حديث – النبي صلي الله عليه وسلم – بعضاً منها
ليبين فيها قدرة الإشارة علي حمل المعاني البلاغية كالتشبيه والحذف والتعريف والطباق وغير ذلك.
ومن خلال المنهجين يحاول البحث الخلوص إلى هذه الدلالة – دلالة الإشارة – وأثرها في البلاغة العربية.
ولعلها تكون لبنة في بنيانها الشامخ.
أما خطة البحث:
فتبدأ بمقدمة تكشف عن موضوع البحث , ومنهجه، وخطته.
ثم تمهيد أعرض فيه لمعني الإشارة في اللغة العربية، ثم في القرآن الكريم.
من خلال عدة آيات قرآنية.
ثم فصلين ........ في الفصل الأول الإشارة في تراث العلماء وفيه مبحثان.
المبحث الأول: دلالة الإشارة عند الجاحظ – وفيها:
1 - مصادر الدلالة عند الجاحظ.
2 - توافق اللفظ والإِشارة.
3 - موقف الجاحظ من هذه الدلالة.
4 - الإشارة أبعد بلاغاً من الصوت.
5 - هل الإشارة عيٌ؟
أما المبحث الثاني في الفصل الأول فهو: الإشارة بعد الجاحظ وفيها:
1 - الإشارة عند قدامة بن جعفر.
2 - الإشارة عند ابن رشيق وأبي هلال.
3 - الإشارة عند ابن حجة الحموي.
4 - الإشارة عند ابن أبي الإصبع.
5 - ثم وقفة علي ما سبق.
الفصل الثاني: بلاغة الإشارة في بيان النبي صلي الله عليه وسلم – في حديث مسلم وفيه:
1 - التوكيد بالإشارة.
2 - التعريف بالإشارة.
3 - دلالة الإشارة علي المحذوف.
4 - الاختصاص بالإشارة.
5 - دلالة الإشارة علي التشبيه.
6 - إخراج المعنوي في صورة المحسوس من خلال الإشارة.
7 - الطباق بالإشارة.
¥