تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال تعالى:" إن الذين اّمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى "

ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[18 - 10 - 2005, 01:18 م]ـ

قال تعالى:"إن الذين اّمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا ......... " (الحج17) وهذه الفرق مرتبة بالزمن من الخاص إلى العام.

كما قال تعالى:"إن الذين اّمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين ........ " (البقرة62) وهذا ترتيب الفضل والشرف.

ولكن قال تعالى:" إن الذين اّمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى (المائدة69) برفع كلمة (والصابئون).

والأصل في هذه الاّية أن تترتب من الخاص إلى العام بالفضل والشرف، ولكن حصل فيها عدول عن الأصل حيث تقدم العام على الخاص بالزمن، لأن الصابئين متقدمون على النصارى بالزمن، ولكنهم متأخرون عنهم بالفضل والشرف. ومهما يكن من أمر فإن "الصابئون" تقدموا بالأهمية المعنوية عدولا عن الأصل، ودلالة ذلك هو رفع كلمة "الصابئون" فهي ليست معطوفة على ما قبلها، وهذا يعني كما يقول النحاة أحد أمرين:،أولهما: أن "الصابئون" معطوفة على محل اسم إن وهو الابتداء والرفع، وهذا يعني أنهم غير داخلين في حيّز الجملة المؤكدة كبقية الفرق، وثانيهما: أنها مقدمة على نية التأخير، والتقدير: والصابئون كذلك، وهي كذلك غير مؤكدة. ولكن، لماذا تم العدول عن الأصل؟ يقول الزمخشري في الكشاف:

" فإن قلت: ما التقديم والتأخير إلا لفائدة فما فائدة هذا التقديم؟ قلت: فائدته التنبيه على أن الصابئين يتاب عليهم، إن صح منهم الإيمان والعمل الصالح فما الظن بغيرهم؟ وذلك لأن الصابئين أبين هؤلاء المعدودين ضلالا وأشد غيا(1) لأنهم ليسوا بأصحاب كتاب، وصبأوا عن كل الأديان.

ومما يلفت النظر أن القراّن الكريم قد استعمل علامة الرفع من أجل بيان منزلة الكلمة داخل التركيب ولأمن اللبس. ومما يلفت النظر أيضا أن "النصارى" معطوفة على "الذين اّمنوا " رغم الفصل بينهما، فالمتكلم يربط بين المعاني مهما تباعد بعضها عن بعض.

والله أعلم

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[19 - 10 - 2005, 10:31 م]ـ

الأخ الحبيب عزام ..

بارك الله فيك على هذه النفحات البلاغية الثرية ..

وحقاً لقد وقف المفسرون - قديماً وحديثاً - طويلاً أمام آيتي البقرة والمائدة، واختلفوا في المراد بالطوائف الأربع (الَّذِينَ آمَنُواْ، وَالَّذِينَ هَادُواْ، وَالنَّصَارَى، وَالصَّابِئِينَ)، وكثرت أقوال المفسرين والعلماء في ذلك، وتعدّدت وجهات النظر، وكان في أكثرها تكلّف واضح.

كذلك وقف المفسّرون طويلاً أمام آية المائدة، لأن "الصابئين" جاءت فيها بالرفع " وَالصَّابِؤُونَ "، في حين ما نُسقت عليه منصوباً. وقد أكثر المفسّرون وأهل الإعراب من الوجوه في سبب رفع " وَالصَّابِؤُونَ "، وجاءوا بأقوال متكلّفة، وأبعدوا بها كثيراً عن المراد.

والحق أقول إن من أجمل ما قرأت حول تلكم القضايا بحث من " دراسات في مشكل القرآن " يقع في ستين صفحة تقريباً للأستاذ الدكتور أحمد حسن فرحات. وسأحاول أن أبيّن ما ذهب إليه فضيلته باختصار شديد في مقارنته بين الآيات الثلاث.

يقول الدكتور فرحات: إن كل آية من الآيات الثلاث تختصّ بفترة زمنية معيّنة. فآية البقرة: " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ "، تتحدّث عن الفرق الثلاث ومصيرها قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ومجيء شريعته الخاتمة الناسخة. ومن ثم كان مصير أهل هذه الملل الثلاث كمصير المؤمنين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، لأن أهلها كانوا مؤمنين بالله واليوم الآخر عاملين بمقتضى شرائعهم المنزلة عليهم، ولم يحرّفوا دينهم أو يغيّروه، بل إنهم كانوا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم وشريعته كما بشّرت به كتبهم، وكما هو واضح من سبب نزول آية البقرة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير